العمانية للكتاب والأدباء تقرأ ديوان «كان ظلا وارفا» معرفيا

قدمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء ممثلة بلجنة كتاب وأدباء محافظة جنوب الشرقية مساء الأحد قراءة معرفية في ديوان “كان ظلا وارفا” للشاعر علي الهاشمي، قدمها الدكتور جمال الحراصي بصحبة الدكتور يوسف المعمري الأستاذان المساعدان بجامعة الشرقية. والشاعر علي الهاشمي صاحب الديوان الذي دارت حوله القراءة المعرفية شاعر عماني له ثلاثة دواوين حملت عناوين: “مس من الحب”، و”أنا لا أحب الآفلين”، و”كان ظلا وارفا”. وتناولت القراءة خمسة محاور تمثلت في: المقصود بمصطلح القراءة المعرفية، والبنى التصورية المعرفية وعلاقتها بالمنظومة الثقافية، وأهم الاستعارات القاعدية الحاكمة لفكر الشاعر، والتجليات الاستعارية اللغوية، وصورة السلطان قابوس في الديوان، وتناول المحور الأخير استعارة الوطن وتجلياتها.

القراءة المعرفية

وعرج الدكتور جمال الحراصي على تعريف القراءة المعرفية واصفا إياها بالعلم الجديد، مشيرا إلى أن عمره لا يتجاوز 60 إلى 70 عاما وقد ظهر نتيجة التطورات المعرفية والتكنولوجية التي أدت إلى نظرة جديدة للغة والاستعارة بشكل عام، وكيف أن العلماء أصبحوا ينطلقون من اللغة للوصول إلى طريقة التفكير والبناء الفكري لدى الإنسان، وأشار إلى أن الشعر هو خير معبر عن ذلك الفكر لمنظومة ثقافية معينة وفكر معين، وأضاف أن استقراء لغة ما يمكن من الوصول إلى الكثير من التصورات الفكرية وبالتالي تمنح القدرة على معرفة الكيفية التي يفكر بها أصحاب هذه اللغة وكيف يقبضون على الوجود من حولهم وكذلك تجاربهم الحياتية.

وأضاف: “القراءة المعرفية تتبع هذه البنى التصورية عند الإنسان للوصول إلى السلوك المحتمل لهذا الإنسان”، وتابع: “من خلال (كان ظلا وارفا) نحاول الوصول إلى بعض التصورات الحاكمة لفكر هذا الشاعر –علي الهاشمي- والذي يعبر عن منظومته الثقافية والفكرية الأوسع”.

الاستعارة القاعدية

وإلى جانب القراءة المعرفية وضح الحراصي “الاستعارة القاعدية”، مشيرا إلى أنها تتوازى مع مصطلحات الاستعارة المعرفية والاستعارة المفهومية والاستعارة التصورية، وقال عنها: “استعارة تكمن في فكر الإنسان وتتجلى بعد تجليات مختلفة من ضمنها التجليات اللغوية، ولكنها قد تتجلى فنيا أو سلوكيا، أما في الشعر تحديدا فيكون تجليها لغويا”. وأضاف الحراصي في توضيحه للاستعارة القاعدية أنه عندما يكون تصور الإنسان للحياة على أنها بحر مثلا سنجد أنه يستعمل مصطلحات البحر للحياة، ويؤثر بالتالي هذا التصور عليه في الكثير من تعاطيه مع الحياة، ولفت إلى أن هذه القراءة المعرفية لا تستقرئ الجانب الشعري والنقدي ولكن كيفية قبض الشاعر على الوجود من حوله وتعاطيه معه.

وفي حديثه عن ديوان “كان ظلا وارفا” قال عنه إنه ديوان غني مشبع بالقيم الفنية والجمالية التي شكلت جوهرا من بنيته النسيجية التي التحم فيها المبنى مع المعنى، وخص المجال المجازي الذي لم يعد مجرد استعراض لغوي كما كان يحسبه القدماء.

البنى التصورية وعلاقتها بالمنظومة الثقافية

وتناول الحراصي علاقة البنى التصورية بالمنظومة الثقافية، موضحا كيف أنها تشكل انسجاما، وتتعاضد وتظهر متوائمة فيما بينها، وكذلك مع الدوائر المختلفة التي ينتمي إليها الفرد كما تطرق لأهم الاستعارات القاعدية التي يتحرك من خلالها الشاعر علي الهاشمي وتحكم تصوره.

وفي الحديث عن صورة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- وظهورها المعرفي للديوان، أشار الحراصي إلى صورته طيب الله ثراه أتت في عدة أشكال منها: أنه بيت للعمانيين، وربان بحر ماهر، وقِبلة للعمانيين.

أما عن استعارات الوطن في الديوان أشار الحراصي إلى أنها أتت باستعارتين هما: عمان قمرٌ، وعمان محبوبة جميلة، وبين تجلياتها اللغوية في الديوان حيث تجلت الأولى في قوله:

هبي عمان

فنور السلم مقتبس

من راحتيك بذا غنى لنا المثل

ووضح أن النور يختص به القمر على عكس الشمس التي تختص بالضوء، وكيف أن مجال القمر ذو حمولة خاصة حيث ارتبط بالجمال فكثيرا ما شبه الشعراء جميلاتهم بالقمر.

أما الاستعارة الثانية:

شموخا دمتِ سلطنتي

ودام المجد فاتنتي

وأشار الحراصي إلى أن عمان الوطن ظهرت هنا كغانية جميلة محبوبة، وقال: “يتجلى هذا التصور القاعدي في هذا التعبير الاستعاري اللغوي وهو الفتنة والغواية التي تسببها المرأة الجميلة”.
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/العمانية-للكتاب-والأدباء-تقرأ-ديوان-كان-ظلا-وارفا-معرفيا