المسرحية أماني المقبالية: المسرح العماني مرآة تعكس هوية المجتمع وتراثه

قررتْ ترك المسرح نهائيا قبل أن تعيد ترتيب الأولويات

الفنانة المسرحية أماني بنت حميد المقبالية، بدأت مسيرتها الفنية في عام 2011 من خلال مسرح التقنية، حيث أظهرت موهبتها اللافتة منذ البداية. كانت مشاركاتها في مهرجان «آفاق» المسرحي محطة بارزة، حيث حصلت على جائزة أفضل ممثلة دور أول على مستوى الكليات والجامعات في سلطنة عمان لثلاث سنوات متتالية في نسخ المهرجان. شاركت في أكثر من عشرة عروض مسرحية خلال مسيرتها، بالإضافة إلى مشاركتها في مسابقة «إبداعات شبابية».

توقفت عن المسرح عام 2016 لأسباب خاصة، قبل أن تعود إلى الساحة في عام 2023 بعرض مسرحية «مجرد بورتريه» في مهرجان «صاحبدلان» في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مع إخراج عدي الشنفري. وواصلت بعدها بعرض مسرحية «التلي» للمخرج عبدالملك الغداني، وصولًا إلى مشاركتها الأخيرة في مسرحية «أضغاث أوهام» للمخرج أسامة السليمي، حيث حصلت على جائزة أفضل عرض متكامل في مهرجان المسرح العماني الثامن. توقفنا مع الفنانة أماني المقبالية، لنغوص معها في عالمها المسرحي الخاص، فتحدثنا عما تحمله من ذكريات وتجارب ووجهات نظر، فإلى ما جاء في الحوار:

*******************************************************************************************************

 

– في تجربتك الأولى خطفتِ جائزة أفضل ممثلة في عام 2011، لا بد أن يكون خلف هذه التجربة وقوف أمام الجمهور أو المشاركة في عروض.. حدثينا عن ذلك؟

فعلا، فقد كنت أشارك في فعاليات الجامعة، وأدخل العديد من الورش، وكنا نقدم عروضًا في مسرح جامعة التقنية قبل تأسيس مهرجان آفاق، وهذا ما سهّل عليّ الكثير في الوقوف أمام الجمهور وخوض تجارب مسرحية متكاملة ومنافسة.

*******************************************************************************************************

– لقد حققتِ جائزة أفضل ممثلة دور أول ثلاث مرات على التوالي، ماذا يعني لكِ هذا الإنجاز؟ وخاصة في أولى التجارب المتكاملة؟

كان يعني لي الكثير والكثير، لأن خلف هذا الإنجاز كان دعم من الوالد -رحمه الله- وتشجيعه، وأتذكر قبل أي عرض كان يتصل بي ويعطيني دافعًا قويًا.

*******************************************************************************************************

– نقول (المسرح العماني) وكأن هناك خصوصية تميّز هذا المسرح عن غيره، برأيك ما الذي يميزنا؟

المسرح العماني هو مرآة تعكس هوية المجتمع العماني وتراثه. وهو فن حي يتطور باستمرار ويواكب التغيرات التي يشهدها العالم.

*******************************************************************************************************

– لن نخوض في أسباب اعتزالكِ للمسرح ما بين عامي 2016 إلى عام 2023، ولكن كيف أثر عليكِ هذا التوقف؟

بشكل عام، التوقف عن أي نشاط يعشقه المرء ويمارسه باستمرار، خاصة إذا كان هذا النشاط جزءًا أساسيًا من هوية الشخص، هو أمر بالغ الأثر. التوقف عن المسرح ترك فراغًا كبيرًا بالنسبة لي في حياتي اليومية حيث كان المسرح يشغل جزءًا كبيرًا من وقتي وطاقتي. أيضًا، التأثير على العلاقات الاجتماعية والصحة النفسية، وخاصة في البدايات، أدى إلى الشعور بالملل والاكتئاب والقلق من المستقبل.

*******************************************************************************************************

– شغفكِ بالمسرح، هل كان متواصلا خلال هذه الفترة؟ كيف كنتِ تغذّين ذائقتكِ المسرحية وأنتِ بعيدة عن الوقوف على الخشبة؟

قد أصدمك بالإجابة قليلا، خلال فترة انقطاعي انقطاعًا تامًا، لم أحضر عرضًا مسرحيًا واحدًا طوال تلك الفترة، انقطعت وكأنني لن أعود للمسرح مرة أخرى. كنتُ أغذي فراغ المسرح بالقراءة.

*******************************************************************************************************

– كيف كان شعوركِ عند العودة إلى المسرح في عام 2023، وما الذي تغير فيكِ وفي المجال المسرحي خلال هذه الفترة؟

العودة كانت جميلة جدًا، ووقوفي مرة أخرى على الخشبة كان مليئًا بمشاعر الحب والحماس. الذي تغير بي شخصيًا كأماني عدة أمور، ومن الأمور التي أستطيع قولها هي الأولويات، فمن الطبيعي أن تكون الأولويات في الحياة متغيرة، إذا كنا نتحدث عن السابق، فقد كانت الأولويات كلها للمسرح، أما في الوقت الحالي فهناك أولويات أساسية في حياتي، ومن بعدها يأتي المسرح، وأقول ذلك بصراحة. أما التغير الذي حدث في المجال المسرحي فقد لاحظتُ أن هناك تطورًا ملحوظًا يكمن في الاهتمام الكبير من قِبل وزارة الثقافة والرياضة والشباب والجمعية العمانية للمسرح، وظهور جيل جديد في المجال من الممثلين والمخرجين، وهناك اتجاهات جديدة في كتابة النصوص وإخراج العروض.

*******************************************************************************************************

– ما الذي جذبكِ للعمل في مسرحية «مجرد بورتريه» وما التحديات التي واجهتِها فيها؟

هذا هو العرض الأول الذي شاركتُ به بعد فترة الانقطاع الطويلة، تحمستُ للعرض لأنه مع المخرج عدي الشنفري وسبق أن عملت معه، وكان النص جميلًا ويحمل فكرة جديدة. التحديات التي واجهتها تمثلت في الخوف والتوتر، كان ذلك نابعًا من العودة بعد الانقطاع، ما عزز هذا الشعور هو ضيق الوقت، فقد اشتغلت في «بروفات» لمدة أسبوع واحد فقط، وبعدها تم العرض. والخوف الأكبر تمثل في سؤالي لنفسي، «هل أنا قادرة على الظهور على الخشبة مثل السابق بعد الانقطاع؟» ولكن بفضله سبحانه وتوفيقه، ثم بفضل الفريق المبدع، تغلبت على هذه التحديات النفسية وتخطيت كل الصعوبات، ونال العرض إعجاب الكثيرين كما كان واضحًا من ردود الأفعال.

*******************************************************************************************************

– لديكِ مشاركات خارج حدود سلطنة عمان، كيف تصفين تجربتكِ في المشاركة بها، وخاصة في مهرجان (صاحبدلان) في إيران؟ وما الفائدة التي اكتسبتِها من هذه المشاركة؟

المشاركات الخارجية دائمًا تفتح لك أبوابًا عديدة، وتكتسب منها علاقات جميلة، وتتعرف على ثقافات متعددة. وهذا ما اكتسبته، علاقات من شتى أنحاء الوطن العربي وحب الجمهور.

*******************************************************************************************************

– ما الذي جذبكِ للعمل مع المخرج عبدالملك الغداني في مسرحية «التلي»، وكانت قد عُرضت قبل ذلك باسم «الرحى»؟

ما جذبني للعمل في عرض «التلي» قصة خاصة، فقبل سنوات، وتحديدًا في النسخة السابعة من مهرجان المسرح العماني الذي أقيم بولاية صحار، عُرض العمل باسم «الرحى» كما ذكرت. وفي تلك الأيام قُدمت لي دعوة للمشاركة بعرض «الرحى»، ورغم إعجابي بالنص، إلا أن العرض جاء في وقت قررت فيه التوقف عن المسرح، وكنت أخطط أن التوقف سيكون بشكل نهائي، فاعتذرت عن العمل. وجاءت الفرصة أن يُعاد طرح العمل برؤية إخراجية مختلفة، بمعية المخرج عبدالملك الغداني، وقدم لي العرض بعد عودتي إلى النشاط المسرحي، فوافقت مباشرة، فالعرض قوي وحقق عدة إنجازات خارج سلطنة عمان، فتمت المشاركة وقدمنا العرض في شهر مارس من العام الحالي.

*******************************************************************************************************

– وكيف كان العمل مع المخرج أسامة السليمي في مسرحية «أضغاث أوهام»، وكيف كان تأثير الفوز بجائزة أفضل عرض متكامل بمهرجان المسرح العماني الثامن؟

هذا العمل بالذات له طابع بالنسبة لي، كانت تجربة فريدة من نوعها، وتختلف عن العروض التي اشتغلتها سابقًا من كل النواحي، كان الاشتغال يعتمد على التمارين والرياضة، كنا نركض بشكل يومي تقريبًا ما يقارب 3 كيلومترات وبشكل يومي نشتغل على تمارين الصوت. والفوز شعور مختلف جدًا، لا يمكن وصف الفرحة، ولكني على يقين أن لكل مجتهد نصيبا. باعتقادي، ما حقق الفوز هو ترابطنا كفريق وحبنا لبعض واجتهاد الجميع في العمل، وكنا على قلب واحد.

*******************************************************************************************************

– لديكِ تجارب في المسرح الجامعي والمسرح الاحترافي، هل هناك فرق بينهما؟

يمكن أن أقول إن المسرح الجامعي يمثل بداية المشوار الفني، ويوفر فرصة للطلبة لاكتساب الخبرات العملية، والتواصل مع مجتمع المسرح، ويستهدف بشكل أساسي الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والجمهور المحلي. أما المسرح الاحترافي فهو القمة التي يسعى إليها كل فنان، ويفتح الباب أمام الممثلين والمخرجين والفنيين للعمل في مجال الفن بشكل احترافي ويستهدف جمهورًا واسعًا ومتنوعًا.

*******************************************************************************************************

– ما الذي يلهمكِ للاستمرار في العمل المسرحي بعد فترة التوقف؟

الشغف والحب للمسرح، ووقفة الجمهور بعد نهاية كل عرض مسرحي. وفعلا، أريد الخوض في تجارب جديدة.

*******************************************************************************************************

– كيف ترين دور المرأة في المسرح العماني، وهل هناك تحديات خاصة تواجه النساء في هذا المجال؟

من وجهة نظري، لا تزال هناك بعض الاعتقادات التقليدية التي تحصر دور المرأة في المجتمع، وهنا تواجه المرأة بعض الصعوبات.

*******************************************************************************************************

– ما الرسالة التي ترغبين في نقلها لجمهوركِ من خلال أعمالكِ المسرحية؟

رسالتي ليست فقط للجمهور، بل للعالم أجمع، دعونا نجعل صوتنا موحدًا لنؤكد على حق الشعب الفلسطيني في الحرية، المقاطعة سلاحنا، فلتكن مسرحياتنا منصة لنشر الوعي ونشر ثقافة المقاطعة، شعبنا الفلسطيني يقاوم بصلابة ودورنا أن نكون سندًا لهم. «المقاطعة هي سلاحنا الثقافي».

*******************************************************************************************************

– كيف يمكن للمسرح أن يسهم في التغيير الاجتماعي والثقافي؟

ما ينقصنا في سلطنة عُمان هو التدريس. لدينا طاقات هائلة في المسرح، ولكن نبقى هواةً فقط. فماذا لو اجتمع الهاوي بخبرته مع التدريس والتأهيل؟

*******************************************************************************************************

– هل لديكِ عضوية في جمعية المسرح العمانية؟ وكيف ترين أثرها على أعضائها، وما المعوّل عليها؟

حقيقةً، إلى الآن لم أسجل عضوية في جمعية المسرح، ولكنها فكرة موجودة.