بجلسة ناقشت دورها في الحراك الوطني
أطلق نادي المرأة للرياضة والإبداع الثقافي «صالون نادي المرأة الثقافي»، في مقر النادي الثقافي بالقرم، برعاية السيدة سناء بنت حمد البوسعيدية رئيسة مجلس إدارة نادي المرأة للرياضة والإبداع الثقافي، وحضور عدد من الناشطات في مجال الثقافة والرياضة والفنون، وأدارت الجلسة الحوارية الإعلامية سها بنت زهران الرقيشية. وألقت السيدة سناء البوسعيدية كلمة صالون المرأة الثقافي أوضحت فيها أنها نالت شرف رئاسة نادي المرأة للرياضة والإبداع الثقافي بالقرار الوزاري الذي أصدره صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب رقم ١٣٩ / ٢٠٢١ بإشهار نادي المرأة الرياضية والإبداع الثقافي، مبينة أهمية الصالون الثقافي لإثراء أنشطة نادي المرأة للرياضة والإبداع الثقافي. وأشارت البوسعيدية إلى أن إطلاق الصالون الثقافي هو باكورة الفعاليات الثقافية التي ينظمها نادي المرأة للرياضة والإبداع الثقافي، حيث جاءت فكرة الصالون، لإيمان النادي بأن الصالونات الثقافية كانت ولا زالت تشكل وقعا وأثرا عميقا على المثقفين والمبدعين، وقد أثبتت هذه الصالونات قدرتها على جمعهم تحت سقف واحد، لتبادل الأفكار والغوص في نقاشات إبداعية، وهي مساحة خصبة لولادة مشاريع جديدة لإثراء الجانب الثقافي، منوهة أن نادي المرأة وقع مذكرة تعاون مع النادي الثقافي مؤخرا لتعزيز التعاون المشترك بين الناديين في المجالات ذات الاهتمام المشترك. وابتدأت الدكتورة سعيدة بنت خاطر الفارسي محاور الجلسة الحوارية «دور المرأة العمانية في إثراء الحراك الثقافي الوطني» بتسليط الضوء على ما قدمته المرأة من أعمال وجهود ساهمت في مسيرة الحراك الثقافي الوطني في سلطنة عمان، من خلال «مساهمة المرأة العمانية في تشكيل الأدب العماني الوطني تاريخا وحاضرا»، مركزة حديثها على جانب الشعر الذي أبدعت فيه المرأة العمانية، فالمرأة اعتمدت على الشعر الشفهي؛ لأنها لم تجد تعليما في تلك الحقبة، وانساب الشعر بقوة من أفواه النساء، إلا أنه لم يجد توثيقًا. مضيفة: إن الشعر الشعبي واكب الإنسان منذ البداية، ابتداء من هدهدة الطفل، وكان لها مشاركة في هذا الجانب على مختلف المناطق، ثم يكبر الطفل، فترقصه أمه، وتلاعبه وتنشد له، كما تعارف عليه في مختلف الحضارات، مثلما فعلت حليمة السعدية مع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وابنتها الشيماء من هدهدة الطفل، وكذلك فعل جد النبي عبد المطلب معه، والرسول -صلى الله عليه وسلم- مع أحفاده، وثبت ذلك في الأثر. تقول الأعرابية:
يا حبذا ريح الولد ريح الخزامى في البلد
أهكذا كل ولد أم لم يلد مثلي أحد!
وفي عمان، لكل بيئة عمانية نشيد مختلف:
صباحك صباحين صباح الكحل في العين
صباحك الصباحي والورد والتفاحي
صباحك صباحين لا مغبر ولاشين
وتستكمل الفارسية مراحل شعر المرأة في رحلة تربيتها لابنها فتقول: ثم يخرج الطفل ليلعب، وألعاب الأولاد تعتمد على الحركة، أما ألعاب البنات فمعظمها غنائية، فالأم تتابع ذلك وهناك أغاني الأرجوحة:
الشوط الشوط العالي يا مريم بت خيالي
أبوهم الشيخ ناصر ما ياكل القواصر
فالمرأة حين تعمل في المنزل تنشد، وهناك غناء العمل، وقد يكون مما تنشده هي أو مما تحفظه، والفلاحة تنشد حين تعمل في الأرض، وراعية الغنم تنشد أثناء الرعي، وفي التاريخ كان الصحابة ينشدون أثناء حفرهم في غزوة الخندق.
وتناولت الدكتورة عزيزة الطائية محور السرد عن مساهمة المرأة العمانية في تشكيل الأدب العماني، وأشارت إلى أن السرد العماني لا يمكن حصره في مطلع القرن العشرين أو بمنتصف القرن التاسع عشر، فهو امتداد للماضي من خلال الأساطير والقصص والحوارات التي ألهمت الكاتبة العمانية.
فالمرأة العمانية على امتداد التاريخ وضعت بصمتها، وما نجده اليوم ليس وليدًا للحظة، وإنما تاريخ عريق، مضيفة إنه منذ العصر الجاهلي عرفت المرأة بسردها، ويشهد على ذلك سوق صحار الذي يحتضن الصالونات الأدبية وتبادل الأشعار والأحاديث، كما أن دور المرأة العمانية في تسطير كتاباتها للتاريخ سواء من خلال القصص أو الشعر، نجدها تحررت من قيود القصيدة العمودية، وأثبتت جدارتها في قصيدة التفعيلة، والنثر، وتنوعت في عطائها، وكتبت المرأة العمانية في السيرة الذاتية، كما نجد في مذكرات السيدة سالمة، والمتتبع لكتابة المرأة في الشعر يجد ذلك أيضا.
وتشير الطائية إلى أن السرد برز في الحكايات الشعبية والأساطير، وتحدثت المرأة فيها عن الجبل الأسود الأصم في سكون الليل، وعن تضاريس عمان، برغم أن القصة الحديثة في عمان كانت بدايتها خجولة، فالنضج الفني للرواية وجد متأخرا، وكانت أول بداية روائية لسماح البهلانية عام 1994 وكانت تجربة بسيطة، حتى استهلتها بدرية الشحية بعد خمس سنوات باستحضار التقنيات المتكاملة للخطاب السردي في روايتها، وهي تعد أول من كتب رواية عالجت فيها الثيمة الروائية بتقنيات استندت فيها على النص الروائي عن «السيدة سالمة» من عمان إلى زنجبار، إلى العالم. موضحة أن السرد العماني اعتمد على التقاطعات التاريخية، ومن بين أول نص صدر كان في عام 1994، وبعده بأربع سنوات صدر نص به نضج كبير، ثم نقفز إلى 2010 ومسار السرد كان على التقطع بمسافات، ولا وجود للاسترسال الذي نجده اليوم، حتى وصلنا لعام 2020 بزخم كبير من الإصدارات النسائية، وأسماء كثيرة برزت بين القصة والرواية والقصيدة والنثر.
وعن المحور الثاني «حضور الهوية الوطنية في الحراك الأدبي والثقافي»، فأوضحت فيه الروائية بدرية الشحية، أن الهوية الوطنية حاضرة ليس بسبب التاريخ، فالمرأة توثق التاريخ بطريقة ما، وهي موجودة بكثرة في كل آثارها، فمهمة المرأة هي تعزيز الهوية الوطنية عبر الأغاني ووصف الطريقة الحياتية في الروايات، ووصف الزمان والمكان. وعن تجربتي، كنت أكتب في كل نص صوتا عمانيا ليعرف القارئ بوجود الكاتب العماني في نصه. مبينة أن من المهم أن تتواجد الهوية في كل الكتابات، ويجب أن تعي المرأة ذلك؛ لأن القارئ حين يقرأ نصا يستقرئ هويته.
وتضيف: أنا لا أكتب ليقرأ لي في عمان، بل للخارج، ولكي أكون سفيرة لبلدي، وأكتب وأحكي ما يجري بتفاصيله؛ لأنني مسؤولة عن نشر ثقافتي وهويتي. ولتكون الكتابة همزة وصل للتعبير عما نحتاج، سواء للتغيير أو للثبات. أما التخلي عن الهوية فهو تصنع وليس حقيقة، والمرأة مسؤولة عن نقل الإحساس بالهوية لأبنائها، ومنها يمكن أن ننتقل إلى العالمية، وننقل هويتنا لأبنائنا قبل أن نفكر فينشرها عالميًا، مع التركيز على عدم الإغراق في المحلية، وإنما نحاول أن نكون وسطًا، ولا يمكن أن نعمم لهجة منطقة معينة على سائر البلاد، فعمان غنية بالثقافات المحلية، ويجب أن نحبها جميعًا بمختلف لهجاتها، ونكون وسطًا في معادلاتنا.
أما الفنانة التشكيلية بدور الريامية فارتأت أن تكون سفيرة بفنها مبينة أن الهوية مفهوم ذاتي بحت، ينطلق مني لأنقله للمجتمع، منوهة بأنها تختلف عن رائدات الفن التشكيلي العماني، كما أنها تختلف عمن سيأتي بعدها، لاختلاف الوقت والجغرافيا.
وتضيف الريامية: إن مفهوم الهوية في الفن يتجسد من خلال منظور معين واستخدام عناصر معينة للتصوير، والهوية العمانية في اللوحة ليست كما يظن البعض بتواجد القلعة أو النخلة، فالفنان يمكن أن تعرف هويته من خلال ضربة الريشة. لتتساءل عن الحراك الوطني ومدى تأثيره على الفنانة المرأة ومفهومها الذاتي، وتستشهد بأعمالها وتوضح بأنها تستعين بالأعمال المركبة والنحت، وأحيانا أضطر لاستخدام العناصر المتوفرة لدي شئت أم أبيت، مؤكدة أن الهوية الوطنية هي الصدق والأصالة في التعبير عما نعيش إلى عملية الإبداع. مشيرة إلى أن عمان ليست بمعزل عن الحركة العالمية، وأن التأثير الفردي والاجتماعي يتأثر بالدين وجنس الفنان، كما يؤثر على العمل الفني والإحساس بهوية الفنانة. تخلل الجلسات قصائد وطنية للشاعرتين شميسة النعمانية، والدكتورة هاشمية الموسوية، وفي نهاية الحوار شاركت المبدعات والمثقفات العمانيات من مجالات ثقافية متنوعة كالشعر والفنون والبحث والنقد، والرياضة في إثراء الجلسة من خلال المداخلات والمناقشات.