9 أوراق عمل قدمها باحثون في التاريخ
نظم النادي الثقافي ندوة الأسر العمانية العلمية، سلط الضوء فيها على أسرة القاضي راشد بن سعيد الحارثي ودورهم الأدبي والعلمي، بمشاركة عدد من الباحثين في التاريخ والأدب، وأدار الندوة سعادة المكرم الدكتور محمد بن سعيد الحجري.
في الجلسة الأولى تلا سند المحرزي ورقة للباحث يعقوب البرواني أشار فيها إلى أن أسرة الشيخ راشد بن سعيد بن رجب الحارثي تعتبر من الأسر التي جمعت بين العلم والرئاسة في عُمان، وظهر منها عبر التاريخ الكثير من الفقهاء والزعماء في المنطقة الشرقية في عُمان. وتنتمي هذه الأسرة إلى قبيلة الحرث العمانية التي تقطن المنطقة الشرقية، وكان موطن أسرة راشد بن سعيد القديم في سفالة إبراء، ثم هاجر أجدادهم واستقروا في بلدتي القابل والمضيرب.
وعن نسب الأسرة يشير البرواني إلى أنها تنتمي إلى قبيلة الحرث العمانية التي تتكون من عمائر، منها واحد وعشرون عمارة في الحاضرة وثلاث عمائر في البادية وبعض العمائر مندثرة. وكان للقاضي الفقيه راشد بن سعيد دور في الصدر الأول من عصر الدولة اليعربية كقاض ومصلح، كما كان الوالي على إبراء والشرقية، ومن أحكامه الفقهية قيامه بالصلح في الفتنة بين أهالي فلج السياح وفلج المسموم، وقام بالسعي في تجديد المسجد الجامع في سفالة إبراء عام 1077 من الهجرة، ولم يعثر على تاريخ وفاته، إلا أنه كان حيا إلى سنة 1090 للهجرة. وأنجب راشد بن سعيد ابنه عيسى بن راشد، موضحا أنه ربما كان له غيره من الأولاد فقد ورد في جامعه أنه سأله بعض أولاده عن بعض المسائل، ولم يبق من عقبه سوى عيسى بن راشد وذريته من بعده.
وفي ورقته أوضح الدكتور سالم البوسعيدي أن راشد بن سعيد كان أحد المراجع العلمية في عصره، كان علماء العصر يرجعون إليه بما أشكل عليهم من مسائل، وله مخطوط ضخم من ثلاثة أجزاء يسمى جامع ابن رجب، وكان ينفق من ماله في سبيل العلم والدين، وقيل عنه أنه كان أعلم أهل زمانه في الحلال والحرام، وجمعت أجوبته في كتاب عين المصالح من أجوبة الشيخ صالح، وتكوينه للمدرسة العلمية التي استقطبت الطلبة من كل عمان وعلى رأسهم نور الدين السالمي وأبومالك عامر بن خميس المالكي وابنه الأمير عيسى بن صالح. وتتجلى صلاته العلمية مع علماء عصره حتى لقب بذي الجناحين للرئاسة في العلم والسيف والمكانة والجاه، وكان أحد أركان دولة الإمام سالم بن راشد الخروصي وقام فيها مقام أبيه في نصرة الإمام عزان بن سيف، مثل الإمام في لقائه مع البريطانيين، ولما توفي الإمام سالم بن راشد عقد ومن معه البيعة للعلامة محمد بن عبدالله الخليلي إماما.
وتناول محمد العيسري بعض الأمثلة من الآثار العلمية استعرض مخطوط جامع ابن رجب وهو أقدم أثر علمي لهذه الأسرة، وتحتفظ به خزانة الشيخ سالم بن حمد الحارثي وهو منسوخ للحفيد عامر بن عيسى سنة 1195 للهجرة، وهي متأخرة عن زمان المؤلف بنحو قرن من الزمن. والأثر الثاني هو منسوخ لابن الشيخ نسخه في مطلع القرن الثاني عشر الهجري في عام 1115 هجريا، وتحتفظ بالمخطوط خزانة الشيخ أحمد بن محمد بن عيسى الحارثي، والأثر الثالث كتاب «المهذب في الفرائض» لابن عريق المعولي منسوخ للشيخ عامر بن عيسى، سنة 1179 هجريا، في عهد الإمام أحمد بن سعيد، وتحتفظ بهذا المخطوط مكتبة نور الدين السالمي، والشيخ عامر كان كاتبا بالعدل، وهناك جملة من العقود كتبها بين الناس في إبراء وفي غيرها من البلدان. وخزائن الكتب للعلماء المعاصرين منها خزانة الشيخ سالم بن حمد الحارثي التي تحوي أقدم نسخة عمانية مؤرخة لمتن كتاب «الدعائم» لابن النضر منسوخة سنة 1024 هجريا، ونسختين نسختا في نزوى لمجموع السير العمانية، إحداها نسخت سنة 1121 هجريا بخط سعيد بن عبدالله البوسعيدي.
وقدمت الدكتورة بهية العذوبية أبرز الشخصيات التي تناولتها الوثائق العمانية والبريطانية في المراسلات، أبرز المراسلات هي من السيد إبراهيم بن قيس بن عزان البوسعيدي إلى الشيخ صالح بن علي الحارثي وفيها يحثه على الاستيلاء على نزوى عاصمة الإمامة وصفه فيها بـ «الأسعد الكريم مغيث الإسلام ناشر العدل في عمان الأمجد الطالع الذي يغار على بيضة الإسلام مقتديا بالأئمة الكرام والعلماء مصابيح الظلام»، وهناك مذكرة من الوكيل السياسي البريطاني والقنصل في مسقط العقيد هايس هادلر إلى المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي تحدث في 95 صفحة حول ثورة الشيخ عبدالله بن صالح بن علي الحارثي في عهد السيد فيصل بن تركي في عام 1895 ميلاديا.
وفي رسالة مرسلة من الوكيل السياسي والقنصل البريطاني في مسقط إلى المعتمد السياسي في الخليج الفارسي تتضمن سيرة ذاتية للشيخ صالح بن علي الحارثي، والشيخ عيسى بن صالح الحارثي. كما تلقى رسالتين تضمنتا تهديدات من الحكومة البريطانية للشيخ عيسى بن صالح قبل وبعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، وقبل التوقيع على اتفاقية السيب.
وذكر الدكتور أحمد الخروصي الجانب الفقهي في سيرة الأسرة، بالكتاب الذي تضمن فتاوى الشيخ صالح بن علي هو «عين المصالح في أجوبة الشيخ صالح» الذي جمعه الشيخ أبو الوليد سعود بن خليفين، والكتاب الآخر هو «خلاصة الوسائل» وجمعه الشيخ حمد بن عبدالله بن حميد السالمي، أشار أنه عندما صنف الإمام السالمي التلميذ الأكبر للشيخ صالح بن علي رسالته المشهورة في بيان سيرة شيخه «الحق الجلي في سيرة الشيخ صالح بن علي». كان يقول بأن الشيخ الحارثي كانت له هيبة صدع بها قلوب المارقين ويقظة وحزم وقوة جأش وصلابة تتقاصر أمامها قوافل أعدائه العادين.
وفي الجلسة الثانية استعرض إبراهيم عساكر تحقيقا عن الشيخ راشد بن سعيد وجامعه الفقهي، المعروف بـ «جامع ابن رجب»، تتوفر نسخة وحيدة من الكتاب في مكتبة الشيخ سالم بن حمد الحارثي في المضيرب، ويتكون من سفر واحد، ويعد أهم أثر تركه الشيخ، ثم وجدت قطعة ثانية مخطوطة في مكتبة السيد محمد بن أحمد عنوانها مجموع مسائل عدة علماء، في القطعة الأولى من المخطوط الأول كتب تحت العنوان راشد بن سعيد بن رجب الحارثي، القطعة الأولى يقع المخطوط في مائتين وواحد ورقة ورقمت صفحاته من (1-341)، أما القطعة الثانية من المخطوط فتقع في 130 صفحة، كل صفحة تتكون من 25 سطرا قد تزيد أو تنقص، الخط في أغلب النسخة واضح، ولكن توجد الكثير من الصفحات خطها صعب جدا تصعب قراءاته.
وتناول الدكتور أحمد التمتمي آثار ثلاثة أعلام هم سعيد وصالح وسالم أبناء الشيخ حمد بن سليمان الحارثي، وأبرز كتب الشيخ سعيد «نتائج الأقوال» الذي يمتاز بشمولية المواضيع، وسهولة الفهم، تذييل للأدلة، وعرف الشيخ صالح بعبادته ولا يترك الاعتكاف في العشر الأواخر من كل رمضان، وقالت عنه زوجته لم يترك قيام الليل منذ تزوجته، أما الشيخ سالم شغل منصب القضاء واشتغل به من بيته، وعرف بحبه لطلب العلم.
من جانبه قدم الأستاذ الدكتور عبدالمجيد بنجلالي ورقة تناولت أدب الشيخ صالح بن عيسى وشعره، مبينا أن أسرة الحارث تضم أسماء لها باع في مجالات شتى ومنها فن الشعر، وأغلب شعرائهم مكثرون، قسم دواوينه مطبوعة ومنشورة، وقسم أشعارهم متفرقة في الكتب، وقسم لا تزال أشعارهم مخطوطة. وعن شعر الشيخ صالح بن عيسى فيوضح بأنه مقل، إلا أن الدلالات في شعره مكثفة، مشيرا إلى أن حب الوطن ومعاناة الفراق هي ما يميز شعره بطابع المحبة المتبادلة بينه وبين الوطن.
كما ذكر بنجلالي في ورقته أسماء العديد من الأدباء والشعراء من هذه الأسرة كالشيخ محمد بن عيسى بن صالح الحارثي له ديوان مطبوع بتحقيق القاضي حسن الريامي ديوان أبي الفضل، الأمير صالح بن عيسى بن صالح له مطارحات أدبية في ديوان أبي الفضل وأشعار غير مطبوعة، وعائشة بنت عيسى بن صالح الحارثية لها نصوص شعرية متفرقة، والشيخ أحمد بن حمدون بن حميد الحارثي مفتي زنجبار والجزيرة له سيرة وديوان شعري جمعه أحمد بن عامر العيسري وحققه الدكتور محمد بن سالم الحارثي وآخرون، ومعالي الشيخ عبدالله بن سليمان الحارثي رئيس الجمعية العربية بزنجبار له مطارحات شعرية في ديوان أبي الفضل وأشعار متفرقة، والشيخ أحمد بن عبدالله بن أحمد الحارثي شاعر الشرق له ديوان شعري مطبوع بتحقيق حفيدته الدكتورة جوخة الحارثية، والشيخ المؤرخ سعيد بن حمد بن سليمان الحارثي له أشعار متفرقة طبع بعضها في كتاب «عبر وذكريات من أدب الرحلات»، والشيخ القاضي سالم بن حمد بن سليمان الحارثي له ديوان شعري مطبوع جمعه وحققه ابنه الدكتور عبدالله الحارثي، والشيخ أحمد بن عبدالله بن حمد بن حميد الحارثي له أشعار متفرقة غير مطبوعة، ومحمد بن أحمد بن عبدالله الحارثي ابن شاعر الشرق صاحب «عين وجناح»، الدكتور محمد بن سالم الحارثي له ديوان شعري غير مطبوع، رقية بنت علي بن ناصر الحارثية لها ديوان شعري مطبوع، وقائمة من الشعراء المقلين منهم: الشيخ القاضي راشد بن سعيد بن رجب الحارثي، والشيخ عبدالله بن أحمد الحارثي، والشيخ ناصر بن عيسى بن ناصر الحارثي.
واختتمت الجلسة بورقة سند المحرزي الذي ألقى الضوء على الأعلام في هذه الأسرة أبرزها في القرن الثالث عشر الشيخ عيسى بن صالح، تولى زعامة الحرث بعد وفاة والده، وكان قوي البنية وخاض حروبا كثيرة، وتوفي في عام 1251 هجريا في بلدة القابل، والشيخ علي بن ناصر، وكان من الرجال الذين اعتمد عليهم السلطان سعيد بن سلطان في عمان وأفريقيا الشرقية، ومياء بنت علي بن ناصر ومن آثارها مصلى مياء في بلدة القابل، والشيخ عبدالله بن سليمان الحارثي، وفارس الشرفاء سليمان بن حميد، والقرن الرابع عشر عبدالله بن حميد بن عبدالله، والشيخ عبدالله بن سليمان بن حميد، والشيخ حمد بن سليمان بن حميد، وأحمد بن محمد بن عيسى الحارثي، والشيخ ناصر بن عيسى الحارثي، والشيخ سليمان بن حمد الحارثي، كما ذكر سند المحرزي جزءا من سيرهم الذاتية.