قراءات تسلط الضوء على سيرة الطبيب والفيزيائي أبي محمد الأزدي الصحاري

صاحب أول معجم طبي لغوي في تاريخ البشرية “كتاب الماء”

تختتم غدابجامع السلطان قابوس بصحار الندوة العلمية قراءات في فكر العلامة أبي محمد عبدالله بن محمد الازدي الصحاري (ت 456هـ / 1064م) مؤلف كتاب الماء أول معجم طبي لغوي في التاريخ والتي نظمتها وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة بالمنتدى الادبي برعاية سعادة المهندس إبراهيم بن سعيد الخروصي وكيل وزارة التراث والسياحة للتراث.

وقال عوض بن محمد اللويهي مدير دائرة البرامج والدراسات الحضارية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب في غدا الأول للندوة “أمس”: إن عمان منذ القدم بلدٌ ولّادة للعلماء والأدباء والمؤرخين والمبدعين في شتى المجالات وقد سطّر التاريخُ أسماءَهم وإنتاجَهم بأحرف من نور فانتشرَ في الآفاقِ صيتُهم وقَصَدَهم تلاميذُ العلم واستنارت بهم العقول وخلَّدتِ المكتباتُ خلاصةَ فكرهم وزخرَتْ بفيض مكنوناتهم المصادرُ والمراجع.

وأشار “اللويهي” إلى أن المنتدى الأدبي يعمل على إبراز الفكر العماني وتسليط الضوء عليه وتعريف المجتمع المحلي والخارجي به لذا فإنه يلتقي بجمهوره الكريم مجددا في ندوة علمية تدرس سيرة الطبيب والفيزيائي أبي محمد عبد الله بن محمد الأزدي الصحاري، ويعد الطبيب ابن الذهبي العماني أحد العلماء الذين أنجبتهم عُمان بكل فخر فهو عالم في الطب وهو من وضع ” أول معجم طبي لغوي في تاريخ البشرية” كتاب “الماء” كما يعتبر من الشخصيات المؤثرة عالميًا الذي أدرج اسمه في الدورة (38) للمؤتمر العام لليونسكو لعام 2015 تكريمًا لدوره وإسهاماته في التاريخ الحضاري للبشرية.

تضمن برنامج اليوم الأول للندوة التي أدارها سلمان بن علي العجمي تقديم أربع أوراق عمل الورقة الأولى القاها الدكتور خالد بن علي المعمري بعنوان “العلامة أبو محمد الأزدي النشأة والتكوين العلمي” تناول خلالها نشأة العلامة أبي محمد الأزدي منذ ولادته وسفره في طلب العلم إلى أقطار مختلفة حتى وفاته في بلاد الأندلس بهدف إزالة الغموض عن بعض الحقائق المرتبطة بسيرة المؤلف التي وردت في مصادر مختلفة. وعرج “المعمري” في الدراسة التي قدمها على إشكاليات عدة أهمها الغموض الذي رافق نشأة العلامة والبلدان التي سافر إليها والاختلاف في ذكره بين المصادر العربية وطلبه للعلم وشيوخه الذين أخذ عنهم في كتاب الماء ومراجعة الأقوال التي تناولت حياته ومقارنتها ببعضها وإحداث تساؤلات تفضي إلى النشأة والوفاة.

كما تناول بعض الإشارات في كتاب الماء وتحليلها بما يشير إلى سيرة المؤلف وحياته وبلده إضافة الى مناقشة نسبة كتاب الماء إلى المؤلف بناء على الغموض في سيرته والبناء العلمي الرصين لفصول الكتاب.

وقدم الورقة الثانية الدكتور عبدالله بن علي السعدي بعنوان “مكانة كتاب الماء في التراث الطبي العماني والعربي” تحدث فيها عن الكتب والموسوعات والمعاجم المليئة بالكنوز قائلا: إن الكتب كنوز مغلقة لا تُفتح إلا بالكشافات وكتاب “الماء” لأبي محمد عبد الله بن محمد الأزدي كتابٌ فريدٌ من نَوْعه طبّي لُغوي جغرافي كيميائي فقهي ولم لا وقد برع في كل هذه الجوانب وبهذه الرؤية ينكشف أمامنا قدرُ الكشافات التي يحتاجها هذا الصرحُ الكبير الغابةُ المتشابكة الأغصان لتخرج لنا ما به من كنوز ومكانة في التراث الطبي العماني والعربي فهو بهذا المؤلَّف الفريد من نوعه واحد زمانه، وإمامُ عصره وأوانه، فكتابه يحمل من المميزات التي تجعله في بابه سماءً لا تُدرَك وقد جمع في كتابه بين الطب والأدوية وتوصيف الأمراض والعلاجات من جهة وبين اللغة والتفسير الذي يناسب السِّياق الطبي من جهة أخرى ووضع نظرياتٍ تغيِّرُ مسار التطور العلمي ونظريات تتعلَّق بعلم الفيزياء كالحركة وقوانينها والبصريات ونظرية الإبصار وغيرها ووضع علاجات لأمراض معاصرة عجز عنها الأطباء بل وبعد أن يسوق الدواء وتركيبه يُبيِّن أعراضه الجانبية ولا يكتفي بهذا بل يضع علاجات لهذه الأعراض ولا يكتفي أيضًا بذلك بل يضع البديل الطبي لمن لم يجد العلاج هذا وغيره مما جعلني أسعى بقدر استطاعتي؛ لأن أستخدم أسلوب التكشيف وتحليل المحتوى لأبيّن مميزات كتاب “الماء” الطبِّية وأكشف وأعطي ملامح سريعة في صورة رؤوس أقلام (عناوين) مقصودة من جانبي يصلُح لكلِّ عُنوانٍ منها كشَّافُ خاصٌّ له فكلُّ عُنوان أضعه بعد ذلك هو بمثابة مثال مبسَّط يشير إلى غزارة مادةَ الكتاب بمضمونه فيمكِّن المكَشِّف من وضع كشافٍ له.

اما الورقة الثالثة فجاءت بعنوان “مصادر ابن الذهبي في كتاب الماء” قدمها الدكتور أحمد بن محمد الرمحي تناول خلالها مصادر الكتاب قائلا: إن المصدرُعَدّ في حقل البحث العلمي مستندًا يمدّ الباحث بالمعارف والخبرات الأصيلة وذلك من شأنه أنْ يصل الماضي بالحاضر فيُعين على رَصْد حركة التَّطَوُّر في المجال البحثي ويساعد على حلّ المشكلات والقضايا البحثية ودراسة مصادر كتب التراث الإسلامي تكشف فِكْر العالِم وقيمة كتابه في المجال الذي يبحث فيه كأصالة مصادره وقيمتها العلمية وتنوُّع أنماطها وحُسْن الإفادة منها في نسيج موضوعه وعُمْق معالجة قضاياها ونَقْدها.

واوضح ان الدراسة تأتي في هذا السياق لتكشف مصادر كتاب الماء لأبي محمد عبدالله بن محمد الأزدي وستقف الدراسة على مصادر كتاب الماء من جانبين: أولا: مصادره التي تأثر بها في صنعة معجمه وذلك من حيث كون كتاب الماء معجمًا طبيًّا ولصناعة المعاجم في تراثنا الإسلامي مدارس شتى. وثانيا: مصادر مادته العلمية وهنا تتناول الدراسة تحليل الكتاب لكَشْف المصادر التي اعتمد عليها في مادته العلمية واقتضى ذلك الوقوف أولا على التنوع المعرفيّ في كتاب الماء وأثر ذلك في كثرة مصادره وتنوُّع أنماطها ثم تناوُل أنواع المصادر من النقل والسماع والمعاينة والتجريب.

وانتهت الدراسة بوقفات على بعض المصادر من حيث الإشكالات والتساؤلات التي تثيرها وأخيرًا خرجت الدراسة بخاتمة رصدت أبرز النتائج.

وقدم الورقة الرابعة والاخيرة يوم أمس الدكتور علي بن حمد بن علي الريامي بعنوان “الرؤى النحوية والصرفية والصوتية في كتاب الماء” قائلا:إنَّ كتاب “الماء” لأبي محمَّد عبد الله بن محمَّد الأزدي الصُّحاري (ت:456هـ) يُعدُّ من أوائل الكتب التي أُلِّفت في المجال الطِّبي وهو معجم واسع اشتمل على الكثير من الألفاظ الطبية الغريبة وكيفية الاستفادة منها في علاج الكثير من الأمراض ولكونه من المعاجم كان من الطَّبيعي أن يشتمل على كثير من المسائل النَّحويَّة والصَّرفيَّة والصَّوتيَّة وعليه فقد تناولتُ بعض هذه المسائل للوقوف على منهجه في إيراد المسائل وأكون بذلك قد أجبت على أسئلة مهمة وهي: ما الأساليب والطُّرق التي سلكها ابن الذَّهبي في عرضه للمسائل النَّحويَّة والصَّرفيَّة والصَّوتيَّة؟ وما مدى حرصه على تدعيم هذه المسائل بالأدلة؟. تجدر الإشارة إلى أنه أقيم على هامش الندوة معرض مصاحب تضمن اصدارات وزارة الثقافة والرياضة والشباب إضافة إلى اصدارات المنتدى الأدبي في مختلف العلوم الأدبية والتاريخية.