– استعراض الإرث الحضاري والتاريخي لمملكة البحرين
مسقط ـ العُمانية: ضمن فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الـ27، الذي تتواصل أعماله بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، أفتتح أمس الأول الأسبوع الثقافي لمملكة البحرين، تحت رعاية سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة. تضمن الحفل تدشين المعرض الخاص بالأسبوع الثقافي الذي ضم العديد من المفردات الثقافية والفنية لمملكة البحرين وما تزخر به من إرث حضاري وثقافي وأبعاد تاريخية متميزة.
وقال سعادة الدكتور جمعة بن أحمد الكعبي سفير مملكة البحرين لدى سلطنة عُمان في كلمة له أن الأسبوع الثقافي البحريني يلعب دورًا حيويًّا في إبراز الثقافة البحرينية وعراقتها في كافة فروعها الأدبية والفكرية والشعرية والفنون التشكيلية والشعبية وتعريف الدول بما تملكه البحرين من مخزونات ثقافية متميزة ومتنوعة من شأنها الإسهام في التطور الفكري والحضاري والإنساني ويعزز التكامل الثقافي بين البلدين الشقيقين.
كما ألقى عبد الله بن محمد الحارثي مدير عام المعرفة والتنمية الثقافية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب كلمة بالمناسبة أشار فيها إلى أهمية الأسبوع الثقافي البحريني الذي يأتي ضمن مناشط معرض مسقط الدولي للكتاب، ويمثل تجربة جديدة وإضافة نوعية لفعاليات المعرض، إذ يعد الأول من نوعه في خارطة فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب.
وقالت ردينة بنت عامر الحجرية رئيسة جمعية الصداقة العمانية البحرينية، إن الأسبوع الثقافي يأتي كامتداد للتعاون الثقافي والتنسيق مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب، وانطلاقا من أهدافها العديدة فإن جمعية الصداقة العُمانية ـ البحرينية تعمل على مد جسور التعاون بين سلطنة عُمان ومملكة البحرين في مختلف المجالات وخاصة المجال الثقافي، ومن المقرر أن تشهد الفترات المقبلة تنظيم العديد من المعارض والمؤتمرات والندوات في مختلف المجالات.
وفي مشهد بصري نوعي قدم فيلم بحريني توثيقي الجوانب الثقافية والتاريخية التي تشتهر بها مملكة البحرين وما تحقق من منجزات في الشأن الفكري والتاريخي، مستلهما حضور الإنسان وواقعه المعاش وما وصل إليه من تطور في شتى مناحي الحياة الاجتماعية الثقافية.
كما قدم الشاعر صالح يوسف قراءات شعرية شكلت تجربته مع الكتابة وتراكمها خلال الفترات الماضية. فيما قدم كل من الفنان محمد أسيري والفنان عنبر فاضل، وصلات موسيقية غنائية متنوعة.
فيما قدم الكاتب والشاعر اللبناني عيسى مخلوف محاضرة بعنوان (تحولات الثقافة في الزمن الراهن) في قاعة الفراهيدي بتنظيم من اللجنة الثقافية التابعة للمعرض. بدأ مخلوف محاضرته التي أدارها الزميل خلفان الزيدي عن علاقة المال والتكنولوجيا بالثقافة والإبداع الأدبي والدور الذي يلعبانه في التأثير على الثقافة بصورة سلبية.
وقال إن المال لم يعد مقتصرا على تمويل الحملات الانتخابية بل أصبح له دور كبير في محاولات أصحاب الملايين للسيطرة على دور النشر والوسائل الإعلامية المختلفة، معتبرا أن هذه الظاهرة إن وصلت إلى مبتغاها ستغير من الوجه الثقافي للدول التي يتعمقون فيها.
وأضاف أن العالم اليوم أمام ظاهرة خطيرة في العديد من الدول تتمثل في تحويل الثقافة إلى مطية لمآربهم وأهدافهم التي يسعون لتحقيقها على حساب جودة المنتج الإبداعي للبشر.
وأشار إلى قيام بعض المثقفين بمحاولات للتصدي لهذه الظاهرة من خلال كتابات بعضهم عنها وتحذيرهم من خطورتها المتمثلة في ربط الإبداع بالمردود المادي.
وأكد إن علاقة المال بالإبداع ليس وليد اللحظة، بل بدأ من ثلاثة عقود وتعاظم خلال السنوات القليلة الماضية، مؤكدا على أن التحدي كبير أمام المثقفين والكتاب في التصدي لهذه الظاهرة.
وفيما يتعلق بعلاقة التكنولوجيا والذكاء الصناعي بالثقافة والإبداع أوضح أن العالم أمام تغير جذري يتمثل في الأثر الذي يتسبب به التحول الرقمي على حياتنا الشخصية والمجتمعية. وقال إننا في صراع غير مرئي مع الأجهزة التقنية فإما أن نستعملها نحن أو تسيطر على حياتنا وتقودنا إلى وجهات لا قدرة لنا على التحكم بها. وأشار إلى أن هذه الأجهزة أصبحت قادرة اليوم على برمجة أفكارنا وإيجاد أشياء لم تكن موجودة من قبل لذلك أصبحنا نعتقد أننا من يختار الأشياء والحقيقة أنها من تختار لنا وتتحكم فينا.
كما تشارك وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040 بمعرض مسقط الدولي للكتاب بتدشين أولى سلسلة لقاءات المشاركة المجتمعية (رؤيتنا)، بهدف اطلاع الجمهور بالجهود التي بذلتها وتبذلها الوحدة بالتعاون مع جهات الاختصاص من أجل ضمان تحقيق رؤية (عُمان 2040). كما تم تخصيص قسم خاص بمهارات المستقبل يتضمن شاشات عرض تفاعلية يقدم من خلالها موظفو الوحدة شرحًا وافيًا عن مراحل العمل وآليات المتابعة ومؤشرات الرؤية بالإضافة إلى التعريف بمختبرات الرؤية وما انبثق عنها من برامج وطنية والتي دشنت منذ إطلاق الرؤية مطلع العام 2021م. وتعزيزاً للمشاركة المجتمعية تم عقد عدد من الجلسات الحوارية التي تستقطب عددا من المسؤولين والخبراء في مجالات الذكاء الاصطناعي ومهارات المستقبل، والمعنيين بتنمية المحافظات واللامركزية، إلى جانب فتح الحوار للشباب للتحاور بشأن الرؤية والتآلف المجتمعي والوحدة الوطنية وإطلاعهم على تصنيف عُمان في المؤشرات العالمية.
حيث استهلت أولى الجلسات الحوارية بالحديث حول التنافسية العالمية والمؤشرات الوطنية والدولية المعوّل عليها في تقييم مدى تقدم سلطنة عُمان ممثلة برؤيتها الطموحة في مختلف القطاعات، وتصنيفها مقارنة بدول المنطقة.
استضاف عبدالله السعيدي في هذه الجلسة هلال الهنائي المدير العام لإدارة الجودة والتميز الحكومي، والدكتور واضح المنذري مساعد نائب العميد لضمان الجودة والاعتماد في الكلية الحديثة للتجارة والعلوم، حيث تطرقت الجلسة لأهمية المؤشرات من جهة وخطورة التلاعب بها من جهة أخرى.
كما ناقشت كيفية اعتماد المؤشرات المحلية والدولية في رؤية عُمان ٢٠٤٠، وما هي المعايير والمنهجيات التي تعتمد عليها أبرز المؤشرات الدولية في التقييم.
أما الجلسة الثانية فقد استضافت الدكتور سالم الشعيلي مدير دائرة مشروعات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وحاوره المخترع العُماني سلطان الصبحي.
وقد تطرق الحوار إلى مفهوم الذكاء الاصطناعي وأبرز مجالاته المعاصرة، إضافة إلى دوره في تنمية مختلف القطاعات التقنية والخدمية والتنموية وحتى التجارية في سلطنة عُمان.
وعرّج الصبحي إلى واقع الجهود المبذولة على المستوى الوطني في هذا الملف، ومدى فاعليته في رفد الاقتصاد المحلي بما يعزز مكانة السلطنة في مؤشرات التنافسية العالمية.
في المقابل، أشار الدكتور الشعيلي إلى الجانب المسكوت عنه من الذكاء الاصطناعي وهي مخاطره المحتملة التي قد تشكل تهديدا للمجتمع في حال غياب الوعي والدراسات الشمولية لتوظيف تقنياته، خاصة فيما يتعلق بسوق العمل.
من جانب آخر أقامت محافظة جنوب الباطنة ضيف شرف معرض مسقط الدولي للكتاب حلقة عمل في مجال الفنون الصخرية، وذلك ضمن الفعاليات المصاحبة للمعرض في دورته الـ27.
قدم الحلقة الباحث حارث بن سيف الخروصي، واستعرض أنواع الصخور الطبيعية التي كانت تُستخدَم إلى وقت قريب في مدارس القرآن الكريم وتعليم الحروف والأرقام.
كما ركز الخروصي في الحلقة على اللوح والطبشور المستخدم قديمًا في عُمان، موضحًا أن الصخور الطينية تعرف بسطحها الأملس وتناسبت مع وجود بعض الأحجار البيضاء الهشة التي تم استخدامها كطبشور.
وقدمت أيضا محافظة جنوب الباطنة ممثلة في فرقة الرستاق المسرحية، عرضًا مسرحيا بعنوان (البوم)، وذلك ضمن أعمال مسرح الشارع بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض.
يقدم العرض رؤية بصرية حول الطائر الليلي الذي فرضت عليه الحياة نظرة تشاؤمية من دون حول له أو قوة، ويسلط العرض الضوء على بعض الإشكاليات الحياتية التي تواجه الشباب من منظورهم الخاص في العصر الحالي.
وتتشكل الفرجة البصرية للعرض في إطار درامي غامض يطرح رؤى نفسية متداخلة، بغية الوصول إلى الخلاص من خلال طرح سياقات قد تبدو معتادة وغير نمطية في الوقت ذاته.
ويذهب العرض المسرحي (البوم) إلى عرض الشارع ليكون أكثر قربًا من الناس، يحاول أن يطرح أفكارهم في أسلوب مسرحي شائق، حيث يرى الجمهور فيها ذاته في إطار تشويقي لا يخلو من متعة الفرجة المسرحية بتفاصيله ومكونات العرض المسرحي ذاته، خاصة حين تتداخل الفكرة مع الأزياء والديكور والاكسسوارات، مع بيان الأداء التمثيلي وتماهي الشخوص المشاركة في العرض مع أسلوب إخراجي يراعى فيه الإطار العام للعرض وحضور الجمهور، مقدمًا متعة مسرحية تلامس الذائقة.