كتب ـ فيصل بن سعيد العلوي :
معرض مسقط الدولي للكتاب يواصل فعالياته المتنوعة وسط تزايد أعداد الزوار
يواصل الزوار لليوم الثالث على التوالي توافدهم لمعرض مسقط الدولي للكتاب، وسط إقبال متزايد وحضور نوعي للفعاليات الثقافية التي تتواصل اليوم بعدد كبير من البرامج التي تنظمها اللجنة الثقافية وجناح محافظة جنوب الباطنة -ضيف شرف المعرض- وجامعة السلطان قابوس والنادي الثقافي واللجنة الثقافية بالتعاون مع هيئة البحرين للثقافة والآثار ووزارة الثقافة والرياضة والشباب وغيرها من المؤسسات الثقافية الرسمية والمدنية.
وتستضيف قاعة أحمد بن ماجد قراءات في كتاب «القضاء في عمان» للمؤلفة خلود بنت حمدان الخاطرية يشارك فيها الدكتور ناصر بن علي الندابي، بينما تستضيف قاعة أحمد بن ماجد في السادسة والنصف مساء جلسة حوارية بعنوان «الترجمة في عمان النشأة والتجارب والآفاق» يقدمها جمال بن مبارك النوفلي وفاطمة بنت سالم العجمية وأيمن بن مصبح العويسي، في حين يستضيف جناح وزارة الثقافة والرياضة والشباب جلسة حوارية بين الشعر والإعلام يشارك فيها الشاعر والإعلامي السوري محمد صالح، وفي الوقت نفسه تستضيف قاعة الفراهيدي جلسة حوارية حول التجربة الشعرية والروائية لسنان أنطوان بمشاركة الكاتب نفسه، في حين تستضيف القاعة نفسها عقب ذلك محاضرة حول تحولات الثقافة في الزمن الراهن، ويقدمها اللبناني عيسى مخلوف ويدير المحاضرة خلفان الزيدي، كما تختتم فعاليات اليوم بأمسية في الشعر الفصيح يشارك فيها الشعراء عائشة السيفية وطلال الصلتي من سلطنة عمان ومحمد المغربي من دولة الكويت وجاسم الصحيح من السعودية وصالح يوسف من البحرين.
ندوة مجلة نزوى
سعت الندوة العلميّة التي أقامتها مجلة نزوى ضمن فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب وحملت عنوان «الصحافة الثقافيّة والتحوّل الرقميّ، الفرص والتحديات» إلى تعريف الفعل الثقافي في عصر يشهد التحوّلات التقنيّة والاتصالية المُتسارعة التي ألقت بظلالها على واقع الصناعات الثقافية عموما، والصحافة الثقافية على وجه التحديد.
الندوة التي أقيمت مساء أمس الأول في قاعة ابن دريد بالمعرض، وأدارها عبدالرحمن بن سعيد المسكري، شارك فيها الأستاذ الدكتور عبدالله بن خميس الكندي، الذي تناول واقع الصحافة الثقافية العربية والتحولات التي تمر بها في ظل رقمنة وسائل الإعلام ومحامل الثقافة المختلفة، وأبرز التصورات المستقبلية في هذا المجال، وقال «الكندي»: إن التحولات التقنية بوسائل الإعلام المختلفة ومحامل نقل المعرفة ونشرها عصفت وغيرت من شكل الوسائل ومستوى تأثيرها وانتشارها، وعلى الرغم من خصوصية الصحافة الثقافية كمنتج إعلامي وفكري يتميز بعلاقته الخاصة بالطباعة والورق، إلا أن العصر الرقمي أثر بدوره على هذه الصحافة، وتركها أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تواكب التحول الرقمي وما يتبعه من ضرورات تؤثر على مجمل خصائص هذه الصحافة، أو تصمم البقاء على شكلها التقليدي وتترك القرار الأخير في مصيرها للقارئ والحتميات الاقتصادية والتقنية الأخرى، ولا يمكن التفكير في هذه الخيارات المحدودة أمام الصحافة الثقافية دون التذكير بخصوصية الصحافة الثقافية وحاجتها لكل أشكال الدعم حتى تتمكن من الديمومة والاستمرار.
من جانبها تحدثت الدكتورة عائشة بنت حمد الدرمكية في ورقتها «السياسات الثقافية والتحوُّل الرقمي»، عن السياسات الثقافية باعتبارها الخطط والممارسات الثقافية المؤثرة في استثمار الموارد الإبداعية وداعمة للتطورات والتحولات التي تحدث في المجتمع سواء على مستوى الثقافة بشكل عام، أو على مستوى الإعلام وقالت «الدرمكية»: تؤثر تلك السياسات على تنظيم الحركة الثقافية وإدارتها، والحفاظ على حقوق الأفراد وحريتهم الفكرية، والشراكة والمجتمعية، وضمان حماية التنوع الثقافي والفكري.
متطرقة في حديثها إلى أنظمة حوكمة السياسات الثقافية، وعلاقة تلك السياسات بالتطورات الرقمية من حيث قدرتها على مواكبة التحولات التقنية التي تطرأ على المستوى الثقافي والإعلامي.
وحول تجربته في تسويق المنتجات الثقافية تحت عنوان «الثقافة والتسويق، الإخوة الأعداء!» أجاب حشر بن خميس المنذري على سؤال: ما هي حقيقة العلاقة بين الثقافة والتسويق؟، وقال: ينظر مجموعة كبيرة من المثقفين نظرة سلبية تجاه التسويق، كونه يحرض الناس على شراء ما لا يحتاجونه «حسب وجهة نظرهم»، ويرى المسوقون أن المثقفين يعيشون في برجهم العاجي، ويتحدثون لغةً بائدة!، والحقيقة أن الطرفين في قارب واحد، فلا يمكن للمسوقين أن يسوقوا للبشر دون ثقافة البشر، فالموسيقى، والشعر، والتصوير، والرسم، والأسطورة، هي إنتاجات ثقافية لا يستغنى عنها المسوق في عمله، ويصح أيضا القول أنه تنجح المشروعات الثقافية أو تفشل إن كتبت لها التسويق المناسب، ليس لإرغام الناس على شراء المنتج الثقافي، بل لإيصال المنتج الثقافي لمن يحتاجه فعلا.
في حين تناولت الباحثة سمية بنت خميس اليعقوبية موضوع «الصناعات الإبداعية الثقافية في قطاع الميديا من منظور الاقتصاد الإبداعي»، وقالت في ورقتها: تنامى النقاش العلمي الإقليمي والعالمي خلال السنوات الماضية حول الصناعات الإبداعية وأثرها الكبير في منظومة الاقتصاد الإبداعي، اعتبرت الصناعات الإبداعية أحد أسرع الصناعات نموا في العالم والأقل تأثرا بالأزمات العالمية والمالية، وفي الوقت الذي أحيطت هذه النقاشات بالكثير من الجدل لا سيما في عدم قدرتنا حتى اليوم على معرفة حجم ومستوى مساهمة الصناعات الإبداعية في منظومة الاقتصاد للدرجة التي يمكننا فيها تخيل منظومة متكاملة لما يعرف بـ «الاقتصاد الإبداعي»؛ وفي ظل المعوقات الاجتماعية والثقافية والمعرفية التي تحيط بهذا الشكل من الصناعة لا سيما عند التفكير في الاقتصادات المحلية؛ تتجه الدعوات بين أكثر المنظمات العالمية ضخامة وتعقيدا لإشراك الصناعات الإبداعية والمبدعين والمنتجين والفنانين في منظومة الاقتصادات المحلية والعالمية، ففي الفترة من عام 2002 وحتى عام 2012م ارتفعت مكانة «الثقافة» في إطار عمل الأمم المتحدة بفعل النمو الكبير للتجارة العالمية للمنتجات الإبداعية، واليوم لا يمكننا أن نتخيل أي قطاع في الأمم المتحدة -لاسيما ما يتصل بالتنمية المستدامة أو حقوق الإنسان أو الاقتصاد العالمي أو الاقتصاديات الناشئة- دون أن يكون للصناعات الإبداعية والثقافية جزءًا مهما منه للدرجة التي تبدو فيها حاضرة في أغلب الأطروحات الفكرية والثقافية المتصلة بالتنمية المستدامة والخطط المستقبلية العالمية.
وعلى هامش الندوة شارك مجموعة من الكتاب الصادرة كتبهم مع أعداد مجلة نزوى الأخيرة في توقيع الإصدارات حيث وقع خالد البلوشي كتابه «بانوراما الخبرة الإنسانية في القصة القصيرة العمانية»، ووقع ناصر الكندي كتابه «الحب أكثر سمكًا من النسيان»، كما وقع سلطان العزري كتابه “قبل أن نسقط في البحر».