تتواصل فعالياته حتى الغد في محافظة ظفار
(عمان) : يواصل “ملتقى السرد الخليجي” فعالياته لليوم الثاني على التوالي في مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة حيث شهد اليوم الافتتاحي والذي أقيم تحت رعاية سعادة السيد سعيد بن سلطان بن يعرب البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة بدء الفعاليات وتقديم أوراق العمل في جلستين أدارها الشاعر محمد قراطاس، وتناولت في الجلسة الأولى الروائية الأردنية سميحة خريس (تجربة الكتابة) حيث قالت: عندما أدخل النص الروائي، يقيني بأني سأكتب عن الإنسان، ودائما أكتشف أنه طين شكله المكان إنساناً، في القرمية ودفاتر الطوفان ويحيى وبابنوس وغيرها، واجهت تحدياً حقيقياً، لأن مجمل الحقائق حول الحدث والحقبة مكتوبة سلفاً وموثقة في عشرات الكتب أو مضيعة في وثائق مجهولة، ولا أخفيكم، دائماً يستفزني المكتوب ويتحداني، لا أصدق الواقع كما سطره المؤرخون والعسكريون والقادة والسادة والعبيد، كما يرفع من همتي ما لم يكتب بعد ولكنه خفي في التفاصيل”
وعن ” الكتابة في وجه التمظهر” قالت الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد حسن: أن تكتب يعني أنك تعي، يعني أنك قد بدأت بمحاولتين، إما أن تحاول فهم العالم المحيط عن طريق تحليله أو إنكار هذا العالم بخلق عالم مواز هو عالم المخيلة، الذي منه صنع الوعي الإنساني إدراكه الأول للعالم الذي يحيط به….. أنت لا تخلق الحكاية فقط، لا تصنع شخصاً ورقياً، لا تمارس مغامرة سردية، أنت تصنع معناك الخاص أيضا، الذي يجب أن يتقاطع بشكل ما مع نواة المعنى في الكون، تصور شاسع وبعيد عن الفهم العميق لإدراك فتاة العشرينات الأولى، ومن هنا اتجهت القراءة للتنوع، لقد أصبحت مشروعا موازيا للكتابة، لم تعد قراء الحكاية هي المتعة فقط، بل كل ما يحيط بالنتاج الفكري البشري من فلسفة وعلم نفس واجتماع واقتصاد وسياسة، لكي تصنع معنى الحكاية، لكي يصبح للمصائر في السرد لحم ودم”.
وقدم الكاتب والناقد المغربي الأستاذ الدكتور مبارك أحمد ربيع ورقته التي حملت عنوان “معالم قراءة ذاتية في تجربة روائية” وقال فيها: حاولت في عرض تجربتي، أي قراءتي الذاتية هذه، أن أمزج بين هذه الذاتية، من جهة؛ والمعالجة التحليلية النقدية عبر قراءة الغير، من جهة ثانية؛ وذلك باتجاه التكاملية المنشودة، وهي تكاملية ليست تطابقية على كل حال، ولا يكون لها ذلك، سواء بالمقارنة مع القراءة الذاتية للكاتب، أو بالقياس إلى قراءة أخرى مماثلة، أي تحليلية خارجية؛ ويبقى جوهر التكامل، متمثلا في التوجه العام الذي يلامس بمختلف القراءات وتعددها، فاعلية ذائقية مشتركة، تحتمل الاختلاف حتى فيما هو إيجابي بينها، ذلك أن أية قراءة للعمل الروائي، مهما كان مصدرها، لا يمكن أن تستوعبه في كافة أبعاده وتفاصيله، بل في حدود ما تكتشفه من عالمه؛ والمفروض أن العمل الروائي يبقى أغنى وأكثر قابلية لاستثارة استكشافات جديدة، لأنه بنوعية وجوده، يمثل رحابة وعمق الطبيعة مقابل أي عالِم مكتشف، بحيث تظل دائماً ملهمة، وقابلة للتطلع المتسائل. فيما تحدث المؤلف والمخرج البحريني حمد علي الشهابي عن تجربته الخاصة في “الكتابة والسرد الأدبي”.
الجلسة الثانية
وفي الجلسة الثانية من فعاليات اليوم الأول تناول المشاركون ثلاث أوراق عمل تحدث في أولها الكاتب الكويتي عبدالله العتيبي عن المجموعة القصصية “أرق العشيش” الحائزة على جائزة الدولة التشجيعية في مجال القصة القصيرة ٢٠٢٢م حيث قال : “العشيش” التي أتحدث عنها هنا، هي مناطق سكنية عشوائية من الصفيح والخشب انتشرت في الكويت وبرزت في فترة الخمسينيات وحتى أواخر الستينيات من القرن الماضي، وبعدها أزالتها الحكومة ونقلت سكانها إلى مناطق سكنية جديدة، ومعظمهم من الذين قدموا للعمل في الكويت قبل النهضة الاقتصادية أو بعدها. وكانت بؤرة الحياة التي صنعها الكاتب “المقوع”، وهي منطقة قريبة من الأحمدي ظهرت بعد اكتشاف النفط وتصديره. لكن توسعت العشيش بعد ذلك لتظهر في مناطق مثل خيطان والفروانية وغيرها.
من جانبها تحدثت الكاتبة والروائية بشرى خلفان حول تجربتها الكتابية بدوافعها وخطواتها، بينما تطرقت الأكاديمية والناقدة البحرينية الدكتورة ضياء عبدالله الكعبي في ورقتها إلى مقاربة ثقافية لنماذج مختارة من خطاب التخيّل التاريخي في الرواية الخليجية النسائية الجديدة، بينما سرد الروائي والكاتب القطري جمال فائز تجربته الذاتية في رواية شتاء فرانكفورت التي تدور أحداثها عن فتى يُسافر في فصل الشتاء إلى مدينة فرانكفورت الألمانية بقصد السياحة، تسرق جميع أوراقه الدالة على إثبات شخصيته، ويظل هدف الفتى خلال سير أحداث الرواية، البحث عن وسيلة يستطيع بها استعادة مسروقاته، ليتمكن من العودة إلى وطنه، وخلال سعيه لتحقيق هدفه، تنشأ وتتوثق علاقته مع شخصيات جديدة تكشف جوانب إنسانية لفئات من المجتمع، والتحديات التي تواجههم.
وكان قد شهد حفل افتتاح الملتقى كلمة ألقتها هدى بنت سعيد الريامية مديرة دائرة الأنشطة الثقافية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، وأخرى لبندر المخلفي ممثل الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، بينما ألقى الدكتور سعيد بن بخيت بيت مبارك قصيدة شعرية بعنوان “اكتب”، إضافة إلى تقديم فقرة فنية لفن الشرح.
وتأتي إقامة الملتقى الذي انطلق أمس ويستمر حتى الغد تنفيذاً لمنطلقات الاستراتيجية الثقافية الخليجية التي تضمنت العديد من الفعاليات الخليجية المشتركة، والتي تسهم من خلالها للارتقاء بالعمل الثقافي الخليجي المشترك، من خلال أبرز الأهداف المرجو تحقيقها جراء تنظيم وتنفيذ مثل هذه الملتقيات الثقافية ترجى إلى تعزيز التواصل الثقافي وتأصيل فن السرد في الثقافة العربية في دول المجلس، كذلك تأكيد أهمية اللغة العربية الفصحى في المنطقة وتعزيز التوجه للتعبير بها من خلال فن السرد باعتباره أحد الفنون الرئيسية في الثقافة العربية، هذا إلى جانب تعميق الشعور بمكانة ودور فن السرد في الثقافة الوطنية والقومية، وكذلك من خلالها يتم فرز المواهب الجديدة في فن السرد في كل دولة من دول المجلس والعمل على إبراز المتميز منها وخلق جو تنافسي فيما بينها، ومن ضمن أهداف الملتقى التعرف على ظواهر واتجاهات حركة فن السرد المعاصر في الدول الأعضاء، وتعميق الدراسات التحليلية والنقدية حول حركة فن السرد العربي في دول المجلس.
تجدر الإشارة إلى الملتقى يهدف إلى تعزيز التواصل الثقافي وتأصيل فن السرد في الثقافة العربية، وتعميق الشعور بمكانة فن السرد ودوره في الثقافة الوطنية والقومية، وتأكيد أهمية اللغة العربية الفصحى في المنطقة وتعزيز التوجه للتعبير بها من خلال فن السرد باعتباره أحد الفنون الرئيسية في الثقافة العربية، والتعرف على ظواهر حركة فن السرد المعاصر في الدول المشاركة واتجاهاتها، وتعميق الدراسات التحليلية والنقدية حول حركة فن السرد في الوطن العربي، وإفراز المواهب الجديدة في فن السرد في كل دولة من الدول المشاركة في الملتقى وإبراز المتميز منها وصنع جو تنافسي فيما بينها.
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/ملتقى-السرد-الخليجي-يستعرض-تجارب-الكتابة-والمشاركون-يحتفون-ب-السرد