عرض ـ محمد عبد الصادق:
■ ■ صدر مؤخرا كتاب «الجهد المتواضع في تبيان الواقع» سيرة ذاتية للشيخ خالد بن أحمد بن سيف الأغبري الذي كان واليا على قريات في أوائل تسعينيات القرن الماضي، وشغل العديد من الوظائف الحكومية على مدار حياته الوظيفية التي امتدت لأكثر من 45 عاما، الكتاب يقع في 428 صفحة من القطع المتوسط، وزينه غلاف يحمل طابعا تراثيا وصورة شخصية لصاحب السيرة، تصدر الكتاب آية من القرآن الكريم “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم…” ■ ■
كما تضمن الكتاب مجموعة من المراسلات القديمة المتعلقة بعمل الجد والوالد، وبعض الشهادات التقديرية التي نالها خالد الأغبري، وصور أرشيفية من قصاصات الصحف الصادرة في ذلك الوقت، والتي غطت أنشطة وجولات صاحب السيرة أثناء تقلده منصب والي قريات.
أهدى صاحب السيرة الكتاب إلى الوطن العزيز وقائده المفدى، وإلى والدته الكريمة، وإلى روح والده، وزوجتيه وأولاده وأحفاده، ويقول: أهدي إليكم ثمرة جهدي المتواضع هذا.. سرد لبعض ما اختزن في القلب واستقر في الوجدان من ذاكرة الأيام. قدم للكتاب صديقان زاملا صاحب السيرة في مسيرته المهنية، صالح بن سليمان الفارسي، الذي يصف لحظة تلقيه نبأ تعيين الأغبري واليا على قريات، ويشرح منهجه في الإدارة فيقول: رسم منهجية إدارية جديدة قوامها التخطيط المحكم وجودة الأداء لكل شيء، والتقديم الآخر للكتاب من سعيد بن خلفان النعماني الذي يتحدث عن الفترة التي رافق فيها الشيخ خالد الأغبري في وزارة الزراعة، ويقول عنه: كانت لقاءاتنا اليومية بالمراجعين درسا أخلاقيا بكل ما تحمله الكلمة، فكان الأغبري خير موجه للإنصات الجيد وإنزال الناس منازلهم، وحوارهم بطريقة راقية.
في مقدمة كتابه يقول الأغبري: من المناسب أن يترك الإنسان بصمة في تاريخ بلاده من خلال توثيق مراحل حياته المتمثلة في طفولته وشبابه ومركزه الاجتماعي وسنوات خدمته ومساهماته وصولا إلى سن التقاعد الذي يعتبر نافذة جديدة.. يتخللها نظام مفتوح نحو الحرية والإيجابية في إطار الدين والشرع والقانون والأعراف والتقاليد.. وكتابي هذا جاءت فكرة إصداره من أجل توثيق تلك المراحل والأحداث، التي أفرزتها هذه المعطيات، وأقدمه للقارئ الكريم بما يحويه من مادة تاريخية وثقافية معرفية على أمل الاستفادة من مواقف وتجارب تهم الإنسان عبر مسيرة حياته.
يصحبنا الكاتب من خلال فصول الكتاب، للتعرف على تاريخ عائلته، جده سيف بن حمد الأغبري المولود في العام 1892م في بلدة سفالة سيما بولاية إزكي، في أسرة لها مكانتها الاجتماعية بين القبائل، حفظ القرآن في سن السادسة، وتتلمذ في علم النحو على يد الشيخ حامد بن ناصر بجامع نزوى، ونهل من بحور المعرفة والثقافة وعلوم الميراث وجوانب الشريعة وأحكامها، وتتلمذ على يد الشيخ نور الدين السالمي، وكان من أهل العلم والرأي والمشورة رغم صغر سنه، ثم التحق بسلك الولاة و القضاء في عدة ولايات، وعين قاضيا بالمحكمة الشرعية في عهد السلطان سعيد بن تيمور، وتولى رئاسة المحكمة الشرعية بمسقط ونال مكانة رفيعة لدى السلطان سعيد بن تيمور حتى وفاته في أبريل 1961.
وينتقل للحديث عن والده أحمد بن سيف الأغبري، المولود في العام 1922 بولاية دماء والطائيين بقرية الحصن، والذي انتقل مع والده للإقامة بوادي بني خالد، واتخذها موطنا بديلا، وارتبط بأهلها بعلاقة المصاهرة بعدما تزوج من قبائلها وعاش مع أولاده على أرضها فترة من الزمن، ويصف رحلة الحج الشاقة في العام 1969م، وسفره إلى المملكة العربية السعودية، والمسيرة الوظيفية لوالده التي انتهت في نيابة سناو بولاية المضيبي، حيث تمت إحالة الوالد للتقاعد في العام 1982م، واستقر به المقام بسناو واتخذها موطنا، إلى أن اختاره الله إلى جواره في العام 1995م.
في الفصل الثاني بعنوان محطات من الحياة، يصحبنا الكاتب للحديث عن ولادته في العام 1954م، ونشأته في حارة فصواه ببلدة العدفين بولاية بني خالد، والتحاقه بمدرسة المعلم حميد بن حمد النصيري الهاشمي بولاية وادي بني خالد، وقصة زواجه وسفره للعمل إلى مدينة القطيف بالمملكة العربية السعودية، وتلقيه خبر قيام النهضة المباركة وانتقال الحكم للمغفور له جلالة السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ وعودته إلى أرض الوطن، والتحاقه بالعمل بوظيفة مخابر لاسلكي بوزارة الدفاع، وانتقاله بعد ذلك لوزارة الداخلية، ومن ثم انتقل إلى محافظة مسقط مساعدا لنائب محافظ العاصمة ببوشر، وتدرجه في الوظائف، حتى اختياره للعمل واليا لقريات.