حمد السليمي: حرية الفنان تبدأ باحترام المكان الذي يكون به، سواء في بلده أو خارجه.
– فهد الزدجالي: الفن رسائل تبدأ من إيمان الفنان بفكرته ثم قوة ترجمته في اللوحة.
– صالح العلوي: الحرية أعلى في الفنون التجريدية أو الانطباعية أو التأثيرية لصعوبة فهم مكنونات العمل.
– زهراء العجمية: أرى أن الفنان العماني هو رقيب نفسه، بحكم حفاظنا على موروثنا الثقافي والديني.
يعد الفن التشكيلي نافذة تعبير حرة تطل على مشاعر الفنان وأفكاره، يترجم ذلك خلال ضربات الفرشاة ومزج الألوان، حيث تقوده تلك اللحظة مزاجيته ودواخله في هذا المشهد ويتكون معنًا حاضرا وبقوة فتتلاشى الحدود ويتحرر الإبداع وفيه يتجه السرد خارج حدود اللوحة إلى تعبير لا يحكمه قالب أو إطار.
ففي عقل الفنان هناك حكاية تبتدئ عند أول لون يضيفه فتصبح لوحة نابضة بالحياة والمعنى. في مجتمعاتنا الحديثة تظل حرية تعبير الفنانين التشكيليين محورا جوهريا للنقاش، إذ إنها تعكس إبداعاتهم المتنوعة من تجاربهم الشخصية وتفاعلهم مع العالم من حولهم، مما أسهم في إثراء المشهد الثقافي في عُمان وألهم الأجيال القادمة.
“عمان” استطلعت آراء عدد من الفنانين العمانيين المنتسبين لجمعية الفنون التشكيلية حول حقيقة حرية التعبير بالفن التشكيلي.
احترام المكان
يشير “حمد السليمي” فنان تشكيلي إلى أن حرية الفنان تبدأ باحترام المكان الذي يكون به، سواء في بلده أو خارجه، فلا يمكنه ببساطة أن يتجه إلى مسارات ممنوعة، وهناك شروط على منتسب الجمعية أن يوافق عليها تجعله يحقق أهدافه من خلال الفن بما يتناسب مع توجه الفنان العماني، وقال السليمي: “يمكننا القول بأن التراثيات وجماليات الطبيعة الواقية تكفينا كفنانين ولا أجد أن هناك داعيا لسلك مسارات أخرى، كما أن هناك حرية وتسهيلات يتخذها الفنان خاصة باستخدامه أنواعا معينة من الرسم كالتجريديات في التعبير عن دواخله دون اتخاذ عفوية مبالغة في رسم اللوحة، فكما يعبر نمط ملابس شخص ما عن نفسه كذلك الفن يعبر عن أسلوب واقعي وراق ضمن حدود إيمان الفنان بحدود التعبير”.
وأضاف: “هناك بحر من الاتجاهات والمسارات الفنية التي لا تتصف بالرتابة، بل عكس ذلك، كالتجريدي والسريالي والهندسي وفن النحت والخط وغيرها الكثير”.
إيمان بالفكرة
أما الزميل الفنان التشكيلي ورسام الكاريكاتير بجريدة “عمان” فهد الزدجالي فيقول: “الفن رسائل تبدأ من إيمان الفنان بفكرته ثم قوة ترجمته في اللوحة، ولعل أحد أهم أنواع الفنون التي تحمل رسالة تعبيرية قوية التأثير هو فن الكاريكاتير الذي يندرج تحت الفن التشكيلي، وبه يستطيع الفنان العماني أن ينغمس في هذا العالم ولكن في حدود المعقول، فهذه القوانين أسست لكي لا تتجاوز حدود الآداب العامة وثقافة البلد، فالفنان التشكيلي بشكل عام يمكنه أن يعبر بحريته ويناقش ويطرح أفكاره بشكل موضوعي من خلال عمله”.
وأضاف الزدجالي: “في الكاريكاتير نعبر بالكوميديا السوداء أو الكوميديا الصامتة ولكن دائما هناك رسالة تعبيرية وربما إنسانية اجتماعية تتضمنها هذه الأعمال، كما أن صفة الحرية هي جيدة مضمونا، وإذا استخدمت بطريقة صحيحة، والفنان الحقيقي هو من يتجرأ في أعماله وطرحه، في الكاريكاتير لا ننقل الموضوعات مثل ما هي في الواقع بل نستخدم الإبداع النابع من الخيال، فيتخيل الفنان ذلك المشهد ثم يترجمه بعدما يتم تحويل الواقع إلى صورة كرتونية ذات تفاصيل وعناصر تعبر عن مشاعر وأحاسيس الفنان أو واقع التمسه خلال يومه، وبذلك تصل رسائل الكاريكاتير إلى كل الفئات الاجتماعية فيتلقاها الكبير والصغير والعالم والجاهل فيترجمها كما يفهمها عقله”.
واستطرد قائلا: “المحتوى الكاريكاتيري هو محتوى يرتقي بالأفكار والطرح، وأعتقد بأن التطور والانطلاق بالأعمال الفنية لا يعني الاتجاه لمسار مخالف بل لما هو في حدود القانون والأدب العام، على سبيل المثال يمكن أن أعبر عن صفات الخداع والمراوغة أو الطمع من خلال العمل التشكيلي بتعبير موضوعي لمجرد وجودها على أرض الواقع، إن كانت ظاهرة سلبية أو إيجابية، ولكن يشترط أن تكون واقعية، رسام الكاريكاتير لابد أن يكون باحثا في المجال وأن يكون مؤسسا أكاديميا وفنانا تشكيليا لديه إمكانية تلخيص العمل في صورة أو مشهد كاريكاتيري واحد، ويمكننا القول إن أحد أسمى أهداف الكاريكاتير هو النظر إلى العمل بفكر عال أو كما يعرف بالفن الذكي”.
جماليات متعددة
من جانبه يقول صالح العلوي فنان تشكيلي: “للفنان التشكيلي العماني حرية طرحه وتكوين أفكاره، حيث برأيي تعتمد على المدرسة التي يتجه لها، فمثلا إذا كان يستخدم المدرسة الواقعية في تعبيراته فلا بد أن يكون متحفظا بسبب وضوحها وواقعية العمل، ففي مجتمعنا العماني تحكمنا ثقافتنا العربية الإسلامية فتنحصر أعماله على موضوعات محددة كالموروثات الشعبية والطبيعة العمانية، أما إذا اتجه إلى المدارس الفنية الحديثة الأخرى كالتجريدية أو الانطباعية أو التأثيرية فيكون تعبيره حرا بحكم صعوبة فهم مكنونات العمل الفني، وبالإشارة إلى اتجاه الفنان العماني في رسم الواقعية أجد بأن وصف الواقع في عمان من خلال الفن التشكيلي هو في الأساس واقع ذو جماليات متعددة ومتنوعة، لذلك لا يوجد جمود في أفكار الفنان لرسم مشهد معين يريده”.
وتابع حديثه: “على سبيل المثال أستطيع أنا كفنان أن أعبر بلون واحد يرمز إلى قضية سياسية أو اجتماعية معينة، فلغات التعبير ومقياس حريتها يعتمد على اختيار المدرسة الفنية أو الاتجاه الذي يريد الفنان أن يعبر فيه، ولابد من الإشارة إلى أن هناك لائحة تنص على عدم الإساءة للأخلاق وغيرها خلال المشاركة في المعارض الرسمية داخل سلطنة عمان”.
رقيب نفسه
وتقول زهراء العجمية فنانة تشكيلية: “كما هو معروف عن أخلاق العمانيين، أرى أن الفنان العماني هو رقيب نفسه، بحكم حفاظنا على موروثنا الثقافي والديني، ونحن كعمانيين متمسكون بقيمنا وهويتنا الأصيلة مهما أُعطينا من فرص الحرية، وإن كانت هناك فرص لفنانين اتجهوا لإعطاء أعمالهم جرأة تعبيرية فإنهم دائما ما يرجعون بأعمالهم إلى الموضوعية، وباعتقادي أنه قد حان الوقت لتصدير ثقافتنا من خلال أعمالنا الفنية، وتكون هناك بصمة مؤثرة في عالم الفن بشكل أوسع في داخل عمان وخارجها”.