كتب ـ خالد بن خليفة السيابي:
بعد مَسيرة فنية امتدت لأكثر من 40 عامًا فقدت الحركة التشكيلية العُمانية مساء أمس الأول الفنان التشكيلي موسى بن عمر بن شاكر الزدجالي الذي يُعدُّ أحد أبرز الفنانين التشكيليين العُمانيين على المستوى المحلِّي والإقليمي والدولي. ولد الراحل في مدينة مطرح عام 1971م. وانضم إلى مرسم الشباب عام 1989 وهناك بدا الجد والدراسة وفق القواعد والأصول، كما شارك في عدَّة دورات للفن التشكيلي والزخرفة الإسلامية في سلطنة عمان وفرنسا ومصر والهند. خلال مشواره الفني تنقل بين عدَّة مدارس كانت البداية مع التجريدية ثم انتقل الى الكلاسيكية ثم السريالية ليعود مرَّة أخرى الى حيث بدأ مع المدرسة التجريدية.
الراحل موسى عمر منذ عهدناه يحمل روحًا جميلة وأخلاقًا نبيلة، إنسان يحب الحياة، قليل الحديث، شخصية هادئة يعمل بإتقان واستمرار من أجل أن يعطي الفنَّ قدره وحقَّه ويحافظ على ما بناه من تجربة، بهذه المفردات، بدأ الفنان محمد بن فاضل الحسني حواره مع (الوطن)، وهو أحد الفنانين المعاصرين للفنان الراحل موسى عمر، مشيرًا لعلاقته بالراحل منذ فترة زمنية طويلة، يقول: كنَّا نعمل معا تحت مظلة مرسم الشباب نبحث في علوم الفن لإيجاد تجارب تساعد على الرقي بالحركة التشكيلية العُمانية، و(الزدجالي) قدَّم تجربة ثرية أعجب بها متابعو ومتذوِّقو الفنِّ التشكيلي وأشاد بها نقَّاد وكتَّاب وستظل نبراسًا للقادم من الأجيال. وأضاف: لو تحدثنا عن أعماله سنسلك مسارًا طويلًا من التأمل في ملامح أعماله وتفاصيلها، ولا نستطيع أن نوفيَ حقَّه الفنِّي سخَّر وقتَه لتوسيع دائرة الفنِّ التشكيلي العُماني من خلال مشاركاته الداخلية والخارجية وأسهم في حمل الرسالة السامية التي ما زلنا نحرص على حملها وهي تعريف العالم بملامح من الحضارة التاريخية العُمانية والتراث والإرث وتقديمه من خلال اللوحات الفنية. على الجانب الآخر يقول الفنان التشكيلي سالم بن خميس السلامي: وصلني خبر رحيله في الساعة الواحدة فجر يوم الأحد، تذكرت حينها كلَّ حوار وحديث جمعني مع هذه القامة الفنية، وتذكَّرت نصيحته لي وإعجابه بما أقدِّمه من مستوى فنِّي، ومن باب فارق المرحلة بيني وبين الفنان الراحل موسى عمر فأنا عرفته ذلك الفنَّان البازغ نجمه في الوسط الفنِّي المحلِّي والدولي، أتذكَّر عندما كنتُ طفلًا كنتُ أشاهد أعماله وهي تتصدر صفحات المجلَّات والصُّحف وتشُدُّ انتباهي بشكل لافت، وعندما كبرت وانخرطتُ بالمجال الفنِّي عرفت كم هو كبير هذا الفنَّان بإنسانيته قَبل فنِّه. ويضيف: رحيل الفنَّان موسى عمر خسارة كبيرة للحركة التشكيلية العُمانية، ومكانته الفنِّية لا يمكن تعويضها أبدًا والجميع يعلم بأنَّ الفنَّان الراحل كان حالة استثنائية نظرًا لِمَا قدَّمه خلال مشواره الفنِّي من أعمال فنِّية اتَّسمت بحداثة الفكرة والتطبيق المُعاصر للفنِّ التشكيلي، الأمر الذي جعل منه أيقونة فنِّية أثْرت الساحة الفنِّية وحملت اسم سلطنة عُمان عاليًا. أتذكَّر عند زيارتي لإحدى الدول الخليجية في موضوع متعلق بالفنِّ، كان جميع الفنَّانين في تلك الدولة يأتون على ذكر الفنَّان موسى عمر، وهذا في حدِّ ذاته يعكس مدى تأثير ما قدَّمه هذا الفنَّان. وشخصيًّا كنتُ فخورًا جدًّا بهذا الفنَّان ولا يخلو أي حوار أقوم به إلَّا وأذْكره، فهو مثال وقدوة لي شخصيًّا، ولطالما كان مصدر إلهام وستظل أعماله كذلك ما حيينا. يُذكر أنَّ الفنَّان الراحل موسى عمر برصيده العديد من المعارض الفنِّية الشخصية؛ أهمها معرضه الشخصي (أغنيات للشمس) وشارك في عدد كبير من المعارض المشتركة والحلقات الفنِّية، وحصل العديد من الجوائز على المستوى المحلِّي والعالمي، حيث أقام أكثر من خمسة عشر معرضًا تشكيليًّا شخصيًّا في كلٍّ من سلطنة عُمان والبحرين ومصر والكويت وقطر وأبوظبي وألمانيا، كما عرَض أعماله في العديد من المعارض المشتركة في دول الخليج والدول العربية ودول العالم، وأقام معارض متنوِّعة في عدد من الدول الأوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك وتركيا والعراق وباكستان والهند والجزائر وتونس والمغرب وتايوان ولبنان وأستراليا وكوريا الجنوبية ومصر واليابان والأردن وسوريا وبنجلاديش والصين والمجر، كما شارك في العديد من المعارض الافتراضية خلال جائحة كورونا في كلٍّ من مصر وقطر والسعودية.