مسقط ـ العُمانية: نظمت عدة فعاليات وندوات خلال اليومين الماضيين، حيث اقامت جامعة السلطان قابوس ممثلة بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية، ندوة ثقافية بعنوان (أهمية المسرح في الصناعات الأدبية)، بمشاركة أكاديميين وباحثين مشتغلين في المسرح العماني، وهم الدكتور عبد الكريم جواد أستاذ المسرح والدكتورة كاملة بنت الوليد الهنائية المتخصصة في مسرح الطفل والدكتورة رحيمة بنت مبارك الجابرية مشرفة النشاط المسرحي بجامعة السلطان قابوس.
الندوة التي أدارها الدكتور سعيد بن محمد السيابي، تناولت جملة من المحاور من بينها أهمية المسرح والأدوار التي يقوم بها في آفاق الصناعات الإبداعية باعتبارها أحد مقومات الاقتصاد المعرفي والابتكار، والتي يشكل المسرح جزءًا منها وشريكًا في تحريك مساراتها والتطور الذي ساهمت به هذه الصناعات في خدمة المجتمع والإنسان من خلال استعراض عدد من النماذج والتجارب العالمية والعربية والمحلية.
وتطرق المشاركون في الندوة إلى المسرح كونه يتشارك ويتداخل مع مجموعة من القطاعات الثقافية والفنية والترفيهية كالدراما التلفزيونية والإذاعية والسينما والموسيقى وقطاعات الأزياء وفنون العمارة والتصميم والديكور والفنون التشكيلية والتصوير الضوئي والفنون الرقمية، بالإضافة إلى قطاعات المعارض والمكتبات والمتاحف والآداب والترجمة والتراث المادي وغير المادي، وألعاب الكمبيوتر والموسيقى، وقطاعات النشر المطبوع والإلكتروني والدعاية والتسويق والإعلان.
وذهب المشاركون إلى ما قامت به وزارة الثقافة والرياضة والشباب من عقد فعالية مختبرات خارطة الصناعات الإبداعية وكان حضور المسرح في هذا المختبر والنقاشات التي بدأت ومازالت مستمرة تمنح الكثير من الأمل بأهمية قيام صناعات إبداعية في قطاع الدراما المظلة الأكبر والمسرح على وجه الخصوص.
ووضح المشاركون في الندوة أن المسرح في عمومه يعد أحد الأوجه المهمة للصناعات الإبداعية حيث يساهم في القطاعات الاقتصادية كقيمة مضافة في الناتج المحلي ويرفد تنوع مصادر الدخل في الدولة، وتوليد الآلاف من الفرص الوظيفية التي تعزز بشكل مباشر استقرار المجتمع مع إمكانية أن يقوم المسرح العربي والعماني بمثل هذه الأدوار.
كما بيّن المشاركون توجّه الكثير من الدول في العقود الأخيرة إلى التسلح بالقوة الناعمة التي أصبحت في أولويات التخطيط الاستراتيجي أكثر من الأسلحة التقليدية، وإمكانية أن تكون صناعة المسرح في هذا السياق، مستعينين بجملة من التساؤلات خاصة فيما يتعلق بأهمية المسرح بشكل عام والمسرح العماني بشكل خاص، وما يحظى به المسرح من دعم من قبل المعنيين به من خلال الجهات المسؤولة عنه.
كما نظمت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية جلسة حوارية حول دور ترميم الوثائق وصيانتها في تعزيز الهوية الوطنية، (ترميم مخطوطة أحمد بن ماجد أنموذجا). ناقشت الجلسة دور الترميم في حفظ الوثيقة كونه إحدى المحطات المهمة التي تمر بها المحفوظات، حيث يتم من خلالها معالجة الوثائق بالطرق المناسبة لإعادتها إلى حالتها الطبيعية التي نشأت فيها أو قريبة منها وذلك بالمعالجة اليدوية والكيميائية، بعد أن تُدرس خصائصها ومكوناتها مثل نوع الورق والمادة المصنوعة منه، ونوع الأحبار المستخدمة، وقابليتها للتحلل. قدمت الجلسة ريم العميرية أخصائية ترميم وثائق بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وأدارها زاهر بن مهنا الإسماعيلي.
فيما نظمت اللجنة الثقافية جلسة فنية حوارية بعنوان (سعدون جابر.. سفير الأغنية العراقية).
أدارت الجلسة الحوارية المذيعة سها الرقيشية التي اقتربت من الفنان العراقي سعدون جابر، وسيرته الفنية وعلاقته بالموسيقى، وجمال الكلمة واستثنائية وقعها الفني. وافتتح الفنان (جابر) الجلسة الحوارية بذكريات ربطته بسلطنة عُمان منذ سنوات جسدت حضوره الفني، ومن خلالها تعرف على الجمهور العُماني بأعمال فنية متعددة، وتطرق إلى بداياته وانطلاقته نحو الغناء وعلاقته أيضًا بالمقام اللامي، واتجه (جابر) في التعريف بهذا المقام وارتباطه به، ثم تحدث عن علاقته بأسرته وما كان عليه وهو صغير، والتحول الذي أحدث تغييرًا في حياته وعلاقته، ثم بالفن والموسيقى. وتطرق الفنان العراقي إلى كيفية استيعاب الفن والتفاعل معه، وإمكان أن يكون جسرًا للتقارب والمحبة بين الشعوب، وما يحدثه من ثقافة يتفاعل معها الجمهور، كما عرج إلى بعض النصوص الخالدة في ذاكرته التي أسست مسيرته الفنية. وأشار الفنان سعدون جابر إلى العوامل التي أثرت في حياته الفنية، خاصة التي أثارت الشجن والحزن في أعماله الفنية، ومنها ظروف اجتماعية ثقافية وسياسية متداخلة، بالإضافة إلى أخرى تتعلق بالطبيعة وظروفها المتضادة. وذهب (جابر) ليتحدث عن حال الأغنية العربية في الوقت الراهن وما تعانيه من تراجع، موضحًا أن هناك تراجعًا حقيقيًّا لهذه الأغنية، ولكن الذاكرة العربية لا تزال تحتفظ بأغنيات الزمن الجميل والجمهور لا يزال يرددها في الكثير من المناسبات، كما فند الفنان سعدون جابر علاقته بأسماء بعض الأغنيات في مسيرته الغنائية، وما لها من أثر في حياته، وكيف كوّنت تاريخه الفني، وما تتبعه من كتاب تلك الأغنيات وقصصها المتعددة. كما تطرق في سياق حديثه إلى علاقته بالقصيدة الفصحى، وكيف كانت ذات أهمية في مسيرته، وأوجدت مسارًا مكملًا للقصيدة الشعبية في نطاق أغنياته. تخلل الأمسية تقديم عدد من الأغنيات للفنان سعدون جابر، التي مثلت تجربته الفنية على مدى العقود الماضية.
ونظمت وزارة الثقافة والرياضة والشباب جلسةً حواريةً حول ترجمة الكلاسيكيات العربية إلى الفرنسية لجيل الألفية، شارك في الجلسة الدكتور بيير لارشيه، وهو شاعر ومترجم وبروفيسور اللسانيات العربية في جامعة إكس إن بروفانس بفرنسا، والدكتورة عائشة أسماء فرنان، مديرة نشر حبر الشرق.دار الحوار حول الكلاسيكيات عمومًا، وإمكان تقديمها للشباب، بالإضافة إلى التجارب العربية والغربية في هذا المجال.افتتح بيير لارشيه كلمته بتعريف لكلمة «كلاسيكي» في الفرنسية واللاتينية والعربية، وقال: إنّ الكلاسيكيات العربية ما هي إلا آثارٌ أدبية مضيئة، وأشعار عابرة للزمانِ والمكان؛ تحمل قيم جماعةٍ وتجربة إنسان، وما المعلقات إلا شعر قيم تزيد قيمته مع تقدم الزمن وتوالي الأيام.
من جانب آخر نظم صالون فاطمة العلياني الأدبي جلسة حوارية بعنوان (الرواية الإريترية والرواية القطرية: حضورٌ وبصمة)، بمشاركة الروائي الإريتري هشام محمود، والروائي القطري أحمد الحمادي، وتطرق الكاتب هشام إبراهيم إلى اختفاء الأدب الإريتري لفترات ليست بالقصيرة، على الرغم من ظهوره بين حين وآخر، راجعًا ذلك لأسباب متعددة، من بينها ضعف الكتّاب أنفسهم أو لظروف اجتماعية أو سياسية لحقت بهم، بما في ذلك شرود من المتلقين وعزوف عن المسرح الأدبي.وأشار في السياق ذاته إلى أن الباحث في الأدب الإريتري القديم المكتوب باللغة العربية يواجه تحديات كبيرة، وذلك لشح المصادر، والغموض الذي يكتنف كل ما هو مكتوب بالعربية فيما سبق. ومنذ أن أصدر الروائي محمد سعيد نادو روايته المعروفة (رحلة الشتاء ـ صالح)، التي تُعد أول رواية إريترية مكتوبة باللغة العربية، انطلق الأدب الروائي الإريتري، ولكنه بعيد عن آلة الإعلام العربي والعالمي، لأسباب مرتبطة بسياسة الاحتلال الغربي وإهمال اللغة العربية في إريتريا.