كتب – عامر بن عبدالله الأنصاري
مؤسس وكالة أكدم لحقوق الملكية الفكرية
عقدت وزارة الثقافة والرياضة والشباب اليوم جلسة حوارية تحدث فيها من تركيا الدكتور محمد أغراقجة، وهو مؤسس “وكالة أكدم لحقوق الملكية الفكرية”، وأدار الجلسة -التي عنونت بـ “دور مؤسسات حفظ الحقوق الأدبية”- الكاتب نصر البوسعيدي.
بداية أشار الدكتور محمد أغراقجة إلى أسبقية التاريخ الإسلامي في مجال حماية الملكية الفكرية، حيث إن نقل المسلمين كان دائما موثقا بالمصدر، أو ما يعرف بالإسناد إلى الأصل، ومن ذلك سندات الأحاديث النبوية والنقل من الصحابة وكبار العلماء المسلمين، إلا أن هذه البداية كانت دون قاعدة مكتوبة، بل كانت فعلا نابعا من الضمير.
أما الخط الحديث من “حماية الملكية الفكرية” فقد نُشِئ في أوروبا في القرن 19، وذلك على شاكلة قوانين وقرارات حكومية.
وقال الدكتور محمد أغراقجة إنه في عام 1858 ميلاديا كان هناك أكبر تجمع لمؤلفين وفنانين من عدد من الدول الأوروبية وذلك في بلجيكا بعد أن ضاق المؤلفون والفنانون ذرعا من السطو على أعمالهم، ومن هذا التجمع بدأت قوانين الملكية الفكرية بالظهور.
مشيرا إلى أن قيام العرب بالترجمة كشف الكثير من السرقات الفكرية المنقولة من العربية إلى اللغات الأجنبية، موضحا أن الإنتاج الفكري يبقى من ضمن ملكيات المؤلف ولا تخرج هذه الملكية في حال الترجمة، وضرب مثالا على قيام الغرب بترجمة كتاب “القانون في الطب” لابن سينا دون الإشارة إلى اسمه مطلقا، زاعمين أن النصوص المترجمة من تأليفهم وبحثهم، وكذلك الحال مع مؤلفات الخوارزمي، وأضاف أن أكثر السرقات من خلال الترجمة تكون في العلوم وليس في الأدب.
ومما أوضحه الدكتور محمد أغراقجة أن حماية الملكية الفكرية لها عدة أوجه، منها في الموسيقى وفي الأفلام وفي الصور، وعلى سبيل المثال الموسيقى التي يتم تشغيلها في الفنادق فإن عليها مدفوعات مالية لمنظمات، وأن الكتب في المكتبات العامة عليها مدفوعات مالية تحسب أحيانا بعدد المرات التي يتم إخراجها من الرف.
كما أوضح أن قوانين الملكية الفكرية لا تختص بها دولة بنفسها، بل هناك منظمات عالمية بمجرد انضمام أية دولة إليها فإنها تخضع لتلك القوانين، إلا أن تطبيق القوانين بين الوطن العربي والدول الغربية يشهد فرقا كبيرا، ففي الوطن العربي أحيانا يتم وضع 4 بنود أو 5 أو أكثر من ذلك بقليل للاتفاق بين المؤلف والناشر، في حين أن بنود عقد مؤسسة ناشيونال جيوجرافيك -مثلا- لترجمة محتوى من اللغة الانجليزية إلى اللغة التركية كانت في 91 صفحة.
ومن الأمور التي التفت إليها الدكتور محمد أغراقجة موضوع حقوق الملكية الفكرية، مؤكدا أنها حق أصيل إلى المؤلف وليس الناشر، ناصحا المؤلفين في حالة التعاقد مع دار نشر أن يُحدد العقد بمدة زمنية قصيرة قابلة للتجديد.
وفي ذات السياق وجه الدكتور محمد أغراقجة نصيحة لأي مؤلف أن يتوجه إلى الوكالات الأدبية بدلا من دار النشر مباشرة، ذلك لأن بعض دور النشر لا تقبل أن تطبع “رواية” لأنها متخصصة في الكتب العلمية، وإن وافقت فإن طريق تسويقها سيظلم المؤلف، أما التعاقد مع وكالة أدبية يضمن له وضع عقد يحمي بالمقام الأول حقه الفكري، ويحمي حقه الفكري باللغات الأخرى، كما يضمن له اختيار الدار المناسبة لنشر مؤلفه، وكذلك فإن الوكالة الأدبية تضمن له معرفة عامة بما له وما عليه من حقوق وواجبات.
كما أجاب الدكتور محمد أغراقجة على عدد من تساؤلات الحضور، منها سؤال حول تتبع الكتب المسروقة، مجيبا بقوله: “هذا واقع عالمي، انتشار الكتب المقرصنة ذات نفس محتوى الكتاب الأصلي ولكن بطبعة أقل جودة، هناك جهود حثيثة للسيطرة على الكتب المقرصنة التي توجد عادة في أماكن غير معارض الكتاب، إنما توجد في الأسواق العامة، ومن أشكال القرصنة الترجمة دون الرجوع إلى المؤلف الأساسي”.
ومن الأسئلة المطروحة حول ما الذي يجب على المؤلف فعله في حال اكتشاف أن هناك من قرصن كتابه، أجاب: “لا توجد قاعدة ثابتة على ما يجب فعله بحالة اكتشاف سرقة أو قرصنة، الأمر متروك إلى المؤلف نفسه، يمكنه اللجوء إلى القضاء، وهو أمر معقد ويأخذ مسارا طويلا، أو الجلوس مع الناشر المقرصن للتوصل إلى تسوية، ومنهم من يهدف من خلال مؤلفه إلى نشر المادة على حساب الربح، فيكون قرصنة كتابه من صالحه إذ يسهم في نشر الكتاب، وأحيانا في تركيا نقوم بتقديم التبريكات والتهاني للكاتب الذي يكتشف أن كتابه قد تمت قرصنته، حيث إن ذلك دليل على الإقبال الكبير للكتاب، ولولا هذا الإقبال لما طمع به المقرصن”.