د.آمنة الربيع: عندي ما يكفي من الأحلام والأفكار المسرحية التي سأظل أشتبك معها لأكتب عنها أو أنصت لها إذا نادتني

حاورها – عامر بن عبدالله الأنصاري
منجز الشباب العماني بالخارج مهم جدا.. مبهج ويمكن البناء عليه

– المسرح في عمان يعمل وفقًا للمتيسر من الجهود والتمويل والأحلام والطموحات

– مفهوم شباك التذاكر ينتصر لثقافة المجتمعات الصناعية المنتجة للفنون والتيارات الفنية ودور العرض السينمائي

– خلق جيل يعشق المسرح ويشتغل عليه ليست عملا سهلا، وعلى الثقافة الفنية والتفكير الفلسفي والتفكير الناقد العمل سوية

عاشقة للمسرح والمتوغلة به والمتوغل بها.. لا أتذكر أني حضرت عرضًا مسرحيًّا عمانيًّا إلا وكانت حاضرة به، تقف بين المسرحين وكأنها الأم الروحية لهم، تلهمهم، وتبدي ملاحظاتها لهم، وتشاركهم بهجتها وتأثرها وانفعالاتها، هي التي تعيش حكاية أزلية مع المسرح، حكاية التعلق بالمحبوب الذي لا يفارقها حقيقة وفكرًا وخيالًا، هي التي وصفت علاقتها بالمسرح قائلة: “ما زلت أحيا، لذا عندي ما يكفي من الأحلام والأفكار المسرحية التي سأظل أشتبك معها لأكتب عنها أو أنصت لها إذا نادتني”.

الدكتورة آمنة الربيع.. أكاديمية عمانية وباحثة في شؤون المسرح.. تم تكريمها عدة مرات نظير جهودها الأدبية عموما والمسرحية بشكل خاص، وهي التي سطرت العديد من النصوص المسرحية، وقد توج الكثير منها بالجوائز، وبعض نصوصها المسرحية أثارت جدلا فلم يسمح له بالعرض! هنا مساحة من الحديث العذب معها لـ “عُمان”..

– كم تبلغ النصوص المسرحية التي كتبتها، وما هي أقربها إلى قلبك؟

* عددها الحمد لله (17) نصًا هي: روري، وآزاد، المعراج، يوم الزّينة، الطعنة، الحلم، البئر، الذين على يمين الملك، منتهى الحب… منتهى القسوة، الجسر، المُحب والمحبوب مدوّنة عشق ديك الجنّ، وعابر أقل تناولت فيها حياة الشاعر البرتغالي فرناندو بيسوا، والطعنة، وصلاة من الربع الخالي عبارة عن عرض درامي بصري وتشكيلي جرى التعاون فيه مع الشاعر سيف الرحبي والفنانة التشكيلية بدور الريامي، وأبجدية البوح علياء وهو عبارة عن عمل فني درامي بصرّي من المسرح التسجيلي، قُدم بمناسبة القدس عاصمة للثقافة العربية 2009م، وجسّدت بدور الريامي الرؤية التشكيلية لتنفيذ العمل، وتعاون معنا كأداء درامي كل من ندى جرار، والإعلاميان عايدة بنت عيسى الزدجالي، وأحمد بن حافظ العامري، والرصيف، والحديقة المفقودة، وهي مسرحية غنائية.

الأقرب إلى قلبي تعتمد إجابة هذا السؤال على مقدار تجربة معاناة ومتعة الكتابة والبحث المعرفي وقراءة المراجع لكل مسرحية. وهذه مسألة نسبية، مثلا، منتهى الحب والذين على يمين الملك، أخذا بحثا طويلا في جمع المراجع وتتبع الإشارات، كذلك عابر أقل، ولك أن تتخيل عند كتابتي لأحد مشاهد (روري) الذي لم أنشره بعد، اضطررت للاتفاق مع مجموعة أطفال طلبت منهم تأدية أحد مشاهد المسرحية، لأصل إلى الصياغة المناسبة عند كتابته.

– هناك نص مسرحي، أو ربما أكثر لم يوافق عليها أذكر نصًا بعنوان “المعراج”، ما الذي حدث حول هذا النص وخاصة في مهرجان المسرح العماني؟

* لا بد أن أسجّل أولا أن النصوص التي لا تتشابك مع الأفكار التقليدية ورؤى التجديد هي نصوص نمطية ومتواضعة ومستهلكة وميتة، وكلّ نصّ كتبته أحرص فيه على هذا التشابك. حدث مع “المعراج” الذي يحدث مع كّل نص مسرحي تسعى أي فرقة مسرحية عمانية أهلية تقديمه في مهرجان داخل سلطنة عمان. الأمر في البداية مؤسف جدا ثم تُصيبني الحيرة عندما أقرأ ملاحظات الرقابة التي كانت فوق (10) نقاط تقريبا. مصدر الحيرة أن الذي كتبها هم مسرحيون! لقد شككت في هذا الأمر، وطلبت من المخرج محمّد خلفان أن يلتمس منهم الاجتماع إليهم ومناقشة ملاحظاتهم، لكنهم رفضوا معتذرين بأعذار واهية.

إحدى المفارقات أن هذا النص قد تعرّض للإهانة عبر اختيار غلافه، ونشره على وسائل التواصل الافتراضي والحشو بين دفتي الغلاف حوارات بذيئة وجرى تبادلها منسوبة لي، تواصل معي أحد الزملاء الذين عملنا معًا في مهرجان المسرح الخليجي بصلالة وأخبرني بالخبر، لأفاجأ بعد ذلك باتصالات عائلية تستوضح الأمر، حتى أن شخصية رسمية سياسية من ظفار تكلم معي حول الكلام المنشور بداخل الكتاب. لقد تعرضتُ للكثير من المواقف العجيبة بسبب مسرحية المعراج؛ لأن اللجنة تعاملت مع المحتوى الثقافي الديني بأسلوب مبتذل.

– حظيت مرات عديدة بتكريمات مستحقة أذكرُ معرض الكتاب، والشخصية المسرحية العمانية وغيرها، فما هي تلك التكريمات، وما أثرها على الكاتب، أو المسرحي أو أي إنسان سجل إنجازات تذكر؟

* أولاً لله المنة والفضل، ولكل مجتهد نصيب. أنا أؤمن بهذا القول إيمانا عميقا. حظيت والشكر لله من قبلُ ومن بعدُ بتكريمات مهمة ومن جهات متعددة وعلى مستويات تنتسب إلى اشتغالي في مجال الثقافة، وأهم تلك التكريمات: تكريمي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 8 مارس 2022م، ضمن عدد من الباحثات والناشطات في المجالات (العلمية، والأكاديمية، والإنسانية، والاجتماعية)، وجهة التكريم معهد دراما بلا حدود الدولي، ألمانيا، وكذلك تكريمي بالشخصية الثقافية المكرمة للدورة (12) ضمن جائزة الإبداع الثقافي – فرع الإنجاز الثقافي، الذي منحتني إياه الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء، 2021م، وكان له وقع خاص عندي، كذلك أعتز بتكريمي بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، الذي منحني إياه مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالتعاون مع قسم اللغة العربية، جامعة ظفار، عُمان، 2020م، ولا أنسى التكريم الكبير من قِبل السيدة الجليلة عهد بنت عبدالله بن حمد البوسعيدية حرم جلالة السلطان المعظم حفظها الله ورعاها بمناسبة الاحتفال بيوم المرأة العمانية 2020م، وهناك تكريم آخر من الاتحاد العام للفنانين العرب، 2018م، ومن الملتقى العلمي العربي الثالث لأكاديمية الفنون، 2017م، وتكريم المبدعين الثقافيين الخليجيين بدول مجلس الخليج العربية بدولة الكويت 2014م في مجال المسرح، وغيرها.

وكلها بالنسبة لي مهمة، فكل تكريم حصلت عليه، كان خلفه اشتغال مستمر على أنحاء ثقافية مختلفة، كالكتابة الإبداعية أو الممارسة النقدية، وأنظر إلى هذه التكريمات كأحد أشكال الشكر. وهناك جهات متعددة تمنح هذه التكريمات سواء في بلدي أو من الخارج، بعضها رسمي وبعضها الآخر مدّني، وأثّر تكريم المبدع أو أي إنسان في المجال الذي يعمل فيه وهو حي يُرزق أفضل وأجمل، حتى يهنأ بالالتفاتة الكريمة، ويفرح بها. لأن كل تكريم لإنجاز ما، اعتراف من الجهة المُكرمة بجهد المُكرم وتقديره وتحفيزه.

– لديكِ في رصيدك الكثير من الإنجازات منها على حد علمي المحدود جائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان المسرح الخليجي التاسع في مملكة البحرين وعنوان النص منتهى الحب منتهى القسوة، كذلك ما تأثير تلك الجوائز على الكاتب، وما هي إجمالي تلك الجوائز؟

* لا شك أن للجوائز تأثيرها الخاص على كل صاحب إنجاز حقيقي، والجائزة ليست تأكيدًا مطلقا أو اعترافا ثابت الرسوخ على أن المبدع يسير في الطريق الصحيح، فكل جائزة لا تصنع مبدعا، لكنها تضيف إليه من جانبين المعنوي والمادي. وهي أيضا بمثابة تحفيز وشكر وتكريم. يمكن أن تؤدي الجوائز ذات الثقل المادي الكبير إلى إحداث فارق في حياة المبدع، إذّ تخفف عنه بعض الظروف والالتزامات وتساعده في نشر وطباعة أعماله.

– كيف تصفين واقع المسرح العماني؟

* أجدني في الآونة الأخيرة صرت أتحسس من بعض التوصيفات التي يدعوني فيها السائل إلى تقديم وصفة أشبه ما تكون بالعلاجية! فعندما يسألني أحدهم كيف أنظر أو أصف واقع المسرح العماني أشعر كأنني طبيبة مختصة في غرفة العمليات، وأن عليَّ القول مثلا لأطمئِّن السائل أن المريض يحتضر أو أنه ما زال على قيد الحياة، أو دعواتكم له بالنجاة والتوفيق والنجاح.

لا أعرف بالضبط أين جوهر “الواقع” في مسرحنا العماني. لأن مفردة الواقع يمكن أن تشير إلى تداخل العديد من “الواقع”، هل هو الواقع الفني الجمالي أم الواقع الثقافي أم الاجتماعي؟

وبمعنى آخر، إذا قلتُ إن “واقع المسرح العماني بخير”، فهذا معناه القول الضمني بوجود “مسرح غير عماني”! عندي إشكالية مع هذا النوع من الأسئلة.

من ناحية واضحة للمشتغلين بالمسرح يمكنني القول معهم لأنني منتسبة إليهم “إن واقع المسرح العماني بخير وجيد ويعوّل عليه الكثير”، لكن هناك طرفا آخر يرى “أن واقع المسرح العماني” يعاني كغيره من المسارح في مجتمعات الخليج. وعندئذ؛ فعلينا الاجتهاد في إنقاذه وتقديم الوصفات الطبية الناجعة، وهذا بدورهِ سيرجعنا إلى تكرار الكلام القديم الذي بات يعرفه الجميع حول مشكلات “واقع المسرح العماني”.

لكن دعني انتقل إلى الطرح الإيجابي الذي هو اختيار واعٍ وصادق منيِّ، لأجيبك وأقول إن المسرح في عمان يعمل وفقًا للمتيسر من الجهود والتمويل والأحلام والطموحات.

– بعد أن رأينا إنجازات الشباب العماني بالخارج، كيف ترين مستقبل المسرح العماني؟

* فعليا أنت تضعني بين قضيتين زمنيتين متباعدتين، فإمّا “الواقع” وما يعتمل فيه من أفكار وقضايا ومتغيرات وانتقالات ونضالات وظواهر، أو “المستقبل” الذي يبدو أنه صيغة ليست في يدي! لكن سؤالك ذكرني بدراسة للناقد العضوي إبراهيم عبدالله غلوم أطال الله في عمره وأمدّه بالصحة والعافية، كان عنوانها: “الواقع في صيغة المستقبل، نظرة في مستقبل التجربة المسرحية في الخليج” هذه دراسة مهمة نشرها في كتابه (الخاصيّة المنفردة في الخطاب المسرحي) وأجد أنها ما زالت موجودة في مجتمعاتنا الخليجية.

عنوان دراسته يكشف أن التفكير بالمستقبل بوجه عام، أو التفكير بمستقبل المسرح على نحو أخص في مجتمعاتنا هو سؤال يشغل بال المؤسسات المختلفة، السياسية والمدنية، وحتى الذين لا يعنيهم المسرح إلا من باب الدعاية والافتعال صاروا يفتون في المسرح! كما أشار غلوم إلى مسألة أخرى مهمة تتمثل في أن قضية المستقبل بالنسبة إلى الثقافة أو المسرح العربيين مسألة لا تنطلق من الواقع، وإنما من الطموح والحلم. لا بأس حسب تقديري أن يكون لدينا أحلامنا؛ كالشعراء والحالمون، لكن أيضا هناك ضرورة البحث عن إيجاد حلول فعلية. بهذا المعنى فلدينا من الأحلام الكثير والطموحات الكبيرة. وما أنجزه الشباب العماني بالخارج هو شيء مهم جدا، مبهج ومفرح ويمكن البناء عليه، لأن الشباب المسرحي يسكنه الأمل وتحفزه المشاركات الخارجية الكبيرة التي إذا احتك معها تعرّف على الخبرات المختلفة واكتسب التصورات المتجددة في الرؤى الإخراجية، وفي المضامين الفكرية وسوف يزدادون اطلاعًا. فالمسابقات قدمت كتّابا للمسرح وممثلون ومخرجون وفنيّون، يفخر المتابع لإنجازاتهم بطاقاتهم واندفاعاتهم.

– في اعتقادك كيف يولد جيل جديد يعشق المسرح ويشتغل عليه، وما هو المؤمل منكم كمسرحيين لإنشاء جيل يصنع مستقبل المسرح العماني؟

* سؤالك هذا يتصل بشقين متباعدين في المنهج ومتقاربين في الرؤية. الشِّق الأول يتصل بمفهوم “الحكاية والشفاهية والمحاكاة”، ففي كلّ بيت هناك محاكاة وتقليد وروي للقصص المتخيلة وغير المتخيلة. فإذا تربت الأجيال في حضن الحكايات فلا خوف عليها. فالشعوب التي لا تكتب حكاياتها تموت!

أما الشق الثاني فيتصل بالنظرة إلى وجود الثقافة المسرحية في المجتمع، ودور السلطة السياسية في تعزيز المسرح والدعم المادي له، أو بتعبير الماركسيين توفير البِنية التحتية بعيدا عن الشعارات. وفي تقديري أن المؤسسة تسعى إلى بذل الجهد لتحقيق ذلك. المسرحيون بمفردهم لا يستطيعون تقديم تربية من جانب أحادي للأجيال. فمثلا لدينا المؤلفون والمخرجون والمشتغلون بالنقد المسرحي كما عندنا الأخصائيون الذين لا يعجزهم تقديم تشخيص لدراسة ظاهرة المسرح التربوي أو تقديم البرامج المعنية بتطويره في قنوات الإعلام.

إن مسألة خلق جيل يعشق المسرح ويشتغل عليه ليست عملا سهلا، وعلى الثقافةِ الفنيةِ والتفكيرِ الفلسفيِ والتفكيرِ الناقدِ العملُ سويةًّ، حتى لا نبكي على اللبن إذا انسكب.

انطلاقا من اشتغالي بالمسرح كتابة ونقدا، فأنا لا أبخل بالدور الثقافي الذي أستطيع أن أقدمه في ضوء الوقت المتاح، لأننا علينا الوعي بأن التوعية بالثقافة المسرحية مسألة ليست يسيرة، بل تحتاج خطة ورؤية واستراتيجية للعمل، كما تحتاج إلى الجهد والفرز والمتابعة.

– نحن بحاجة إلى ثقافة شباك تذاكر، حتى يكون المسرح العماني واقفا على قدميه. البعض لا زال يعوّل على الدعم المادي، من مختلف الجهات، ما رأيك أنتِ بهذا الموضوع؟

* إلى حدٍّ كبير على القطاع الخاص أن يشارك في دعم المسرح، ماذا كان سيضير القطاع الخاص إذا قدم بناية جاهزة ومصممة على أحدث التجهيزات العالمية للمسرح في سلطنة عمان؟ لماذا يكتفون بدعم المواد الاستهلاكية الزائلة فقط؟ علينا التفكير بعقل القطاع الخاص أولا ثم نطالبه بالدعم. نحن نتكلم عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويبقى هذا كلام أشبه بالاستعراض والاستهلاك الإعلامي.

أما المسرحيون الذين ينتظرون الدعم أو يعوّلون عليه، فهو رأي ينتصر للظروف والأفكار والشروط التي بدأتها مختلف الجهات (الدولة أظهر النماذج) منذ زمن بعيد، وكرّست لها بوعي أو دون وعي، فوجد المسرحي نفسه في علاقة غير مستقلة عن تلك العقلية، يفكّر بها لتدعمه، ويريد الانسلاخ عنها لكنه لا يتوّرع أن ترعاه في افتتاح عرض ما. هذه العلاقة جدلية والمحزن أن مناقشتها لا تقدم تقدما.

ومفهوم شباك التذاكر من ناحية أخرى هو مفهوم ينتصر لثقافة المجتمعات الصناعية المنتجة للفنون والتيارات الفنية ودور العرض السينمائي. هذه ثقافة بأسباب نشأتها في الدول الكبرى ليست هي أحد أسباب منشأها عندنا. صحيح أن الثقافة قد انتشرت في كثير من البلاد العربية ذات الكثافة السكانية العالية، لكنها عندنا خليجيا ارتبطت بالمسرح التجاري في الكويت، في مقابل المسرح النخبوي، وهذه توصيفات تنتجها الأزمات السياسية والاقتصادية، والمتابع عندنا في مجتمعات الخليج يُحلل الظاهرة من فوق أو من على السطح. ظاهريا حصل عندنا في مهرجان صلالة السياحي قبل سنوات ثم تراجع! كذلك سعت بعض الفرق إلى تكريس الثقافة، على فترات زمنية منقطعة وليست مستمرة، لأنّ التعامل مع المسرح ما زال حسب تقديري تعامل أقرب إلى الرسمية منه إلى الحاجة المؤسساتية أو الاجتماعية.

حاليا في ظل الوضع الاقتصادي الذي يمر به العالم، والضغوطات المالية والضرائب والتفكير في الحرب وغيرها من القضايا المؤرقة، بات المسؤولون يتكلمون عن ضرورة أن تتكفل الفرق بمفردها في مساندة نفسها ماليا بطرقها وعلاقاتها؛ فهل يمكن لإحلال تذكرة شبّاك العرض أن توفر لأي فرقة مسرحية تذاكر السفر إذا ما أرادت المشاركة في مهرجان دولي، ولنترك ذلك وننتقل إلى قدرة الفرقة المسرحية توفير ميزانيتها المالية الخاصة لمساندة المسرحيين والفنيين الباحثين عن العمل!

من الواضح لي- وعلى الرغم مما أحاط بالفكرة من تراجع في المسرح في عمان- فإنّ الحديث عن ثقافة فكرة شباك التذاكر وتمريرها في المجتمع تعدُّ ثقافة مثالية جدا، وذلك في ظل نقاش متذبذب بين المسرحيين أنفسهم هل هم مع شباك التذاكر، أم مع انتظار الدعم من الجهات المختلفة.

– ما هو دافعك الشخصيِّ للاستمرار بالمسرح، ومتى يمكن أن تتوقفين عن الاشتغال المسرحي؟

* يا إلهي! أتصدق أنك قد أرعبتني وأصبتني في مقتل في الشِّق الثاني من سؤالك.؟ دافعي الشخصيِّ للاستمرار بالمسرح، ربما سيساعدني في إجابته منظر ذلك الطائر الصغير الذي شاهدته في طفولتي في المطار وكان يُحلق بعيدا، يومها قلت لأمي أريد أن أكون ذلك الطائر، فجاءني جوابها: أبوك سيكون أول من سيوجه إليك بندقيته!

رغم سؤالك المرعب، لكنني الحمد لله ما زلت أحيا، لذا عندي ما يكفي من الأحلام والأفكار المسرحية التي سأظل أشتبك معها لأكتب عنها أو أنصت لها إذا نادتني.

– كلمة أخيرة تودين إضافتها نختتم بها الحديث؟

* كتب الشاعر العماني ناصر العلوي هذا المقطع الشعري في قصيدة (نبيذ الجبل الأخضر): “أحب السكرة التي كونتني وأنا الآن أسعى إليها”، أنا آمنة أحبّ المسرح، وأنتمي إليه، فهو بيتي وحميميتي، وأريد أن أظل مؤمنة بهذا الحبّ الذي كونني..
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/دآمنة-الربيع-عندي-ما-يكفي-من-الأحلام-والأفكار-المسرحية-التي-سأظل-أشتبك-معها-لأكتب-عنها-أو-أنصت-لها-إذا-نادتني