كتب ـ إسحاق السعيدي
دعت الباحثون إلى تحليل مضامينه والاستفادة من أحداثه التاريخية
نظّم النادي الثقافي مساء أمس بمقره في القرم محاضرة تناولت “الشعر المسكتي” العُماني (ديوان أبو الصوفي)، للدكتورة هدى بنت عبدالرحمن الزدجالية باحثة في مجال التاريخ والتراث والحضارة واستعرضت فيه قراءة تاريخية للديوان الشعري والأحداث الدائرة حول مؤلف الكتاب.
وأشارت الدكتورة هدى الزدجالية في محاضرتها إلى أن المكتبة العُمانية تزخر بعدد من الدواوين الشعرية التي تعد بمثابة وثائق أدبية تاريخية حضارية اجتماعية سياسية، إضافة إلى كونها شاهد عيان على أحداث تاريخية لم يوجد لها ذكر في مصادر تاريخية أخرى، أو مصدر لمعلومات تاريخية وثقت لحقب زمنية مختلفة، منها ديوان “أبو الصوفي” أو “الشعر العُماني المسكتي” للشيخ الأديب الشاعر سعيد بن مسلّم بن سالم بن سليمان بن سالم الجابري المجيزّي السمائلي، الذي عُرف بلقب “شاعر الأسرة المالكة”، كما وصفه السلطان تيمور في مقدمة الديوان.
وفي بداية المحاضرة عرّفت “الزدجالية” بالشاعر سعيد بن مسلم الجابري، الملقب بالمجيزي وقالت: إن نسبة الشاعر تعود إلى منطقة مجز بصحار، والمكنى بأبي الصوفي. عاش الشاعر المتوفى 1952 في سمائل ثم انتقل إلى مسقط في فترة أخرى من حياته لأسباب قربه من الأسرة الحاكمة وعلاقته بسلاطين عمان.
وأكدت الباحثة أن مفردة “المسكتي” المزين بها عنوان الديوان تشير إلى مسقط التي كانت تسمى “مسكت” أو “مسكد” عند الكثير من العمانيين إلى وقت قريب، وقد طبع هذا الديوان في مطبعة دار الطباعة الإسلامية العربية في اليابان بأمر من السلطان سعيد بن تيمور عام 1937.
وتطرقت الباحثة، للعلاقات الزاخرة التي يمتع بها الشاعر بالعديد من الرموز والأعيان في عمان مثل الشيخ خلفان بن جميل السيابي وسليمان الباروني من خلال مراسلاته معهم، وقربه البارز من آل سعيد الذي يؤكده هذا الديوان بكل تفاصيله، حتى سمي بشاعر البلاط السلطاني، فعلاقته القوية بالسلاطين فيصل بن تركي ثم تيمور بن فيصل وبعدهم سعيد بن تيمور لا تخفى على أحد، فقد زين الشاعر ابن الصوفي كثير من صور السلطان تيمور بن فيصل وهو يقف بين حاشيته في المقدمة.
أقسام الكتاب
واستعرضت “الزدجالية” أقسام الكتابة وتفاصيله ابتداء من مقدمته التي كتبها السلطان تيمور بن فيصل وقد ذكر فيها حوادث من حياته كوثيقة تاريخية عنه، مبديا فيها ملاحظاته عن المشاكل المجتمعية وسماها (المشروع) كوصية إلى السلاطين من بعده، مرورا بفصول الكتاب الثلاثة التي ضمن أولها القصائد الخاصة بالسلطان فيصل بن تركي وعددها 26 قصيدة، وورد في ثانيها القصائد الخاصة بالسلطان تيمور بن فيصل وعددها 41 قصيدة، انتهاء بالقسم الثالث الذي ضمن قصائد التخميس والتشطير والمعارضة وعددها 95 قصيدة، ولم يذكر الشاعر في هذا الكتاب القصائد الخاصة بالسلطان سعيد بن تيمور التي أوردها في كتاب منفصل طبعه السلطان سعيد وحجره ولا يعرف مكانه حتى اليوم.
العلاقات العمانية اليابانية
ولم تفوت الدكتورة هدى الزدجالية فرصة الحديث عن العلاقات العمانية اليابانية التي ارتبطت كثيرا بقصة طباعة كتاب الشعر المسكتي الذي طبع في مدينة أوساكا اليابانية وهي علاقة ممتدة منذ أن زار أول ياباني أرض عمان عام 1613، وتتوقع الباحثة أن زيارة الياباني شيغا شيغيتاكا عمان في 1923 هي البداية الحقيقية لعلاقة العمانيين باليابان.
وعرضت الدكتورة هدى بنت عبدالرحمن الزدجالية، خلال محاضرتها مجموعة كبيرة من الصور التي تؤكد وتوثق ما ذكر عن الشاعر والسلاطين، وقد اختتمتها بعدد من التوصيات دعت فيها الباحثون وكتاب التاريخ إلى تحليل مضامين ديوان الشعر المسكتي والاستفادة مما ورد فيه من مواضيع وأحداث تاريخية، إضافة إلى رغبتها في عقد ندوة موسعة عن شخصية الأديب سعيد الجابري بمشاركة عدد من الباحثين في مسقط رأسه “سمائل”، كما أوصت ضرورة تبني النادي الثقافي في أجندته القادمة محاضرة عن العلاقات العمانية اليابانية.
تجدر الإشارة إلى أن (وزارة التراث والثقافة ـ آنذاك) أعادت طباعة الديوان الشعري في ١٩٨٢ بتحقيق الدكتور حسين نصار، ومرة أخرى في ٢٠٠٤.
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/هدى-الزدجالية-تقرأ-في-الشعر-المسكتي-العماني-ديوان-أبو-الصوفي