العُمانية: صدرت عن «مؤسسة اللبان للنشر» مجموعة قصصية تحت عنوان «الجنرال لا يحب البحر» لسليمان بن خليفة المعمري تتضمن قصصًا التقطها من الحياة، جديدها وقديمها، ليحوّلها إلى قطع أدبية، يهديها إلى والده، وإلى كل من ترك بصمة من ذلك الزمن الجميل. الحكايات، تبدأ بعنوان مثير وهو «الويح وش» ثم يمضي في سرد التقاطاته ليتحدث عن «كل أحد وثوجه» وبينها «عذق الخصاب»، و«محمد وسلاموه»، و«الله ينتصر لأعمى» و«مساعدة من الديوان» وغيرها من القصص ليصل في المختتم الأخير إلى القصة التي تحمل عنوان المجموعة وهي «الجنرال لا يحب البحر».
تروي هذه الحكاية قصة سالم الذي التحق بسلاح البحرية «جنديا بسيطًا، يحمل معه أحلامه البسيطة في بناء حياته وتكوين أسرة شأنه شأن الكثير من الشباب، ولكن الأيام تمر ثقيلة على سالم قبل أن يتأقلم مع عمله الجديد، ومما زاد من صعوبة تأقلمه أنه لا يحب البحر، وكثيرًا ما يصاب بالدوار والغثيان أثناء ذهابه في البحر، فيكتم ذلك في نفسه وأحيانًا يتوارى عن زملائه في دورة المياه فيتقيأ، ويخرج كل ما في بطنه ويشتد به الأمر كأنه ينزع أمعاءه، ويظل سالم طوال سنوات خدمته يكتم مشاعره وعدم ارتياحه من العمل في البحر والإبحار في السفن، واعتبر ذلك سرًّا يحتفظ به لنفسه لا يخبر به أقرب المقربين ولو كان أحد أفراد أسرته».
ويمضي المعمري في سرد الحكاية، ليصل إلى الهدف من القصة، فيكتب: «لقد شاءت الأقدار أن يتم ترشيح سالم لرتبة ضابط، فيجتاز الاختبارات بكل كفاءة واقتدار، رغم معاناته وشكواه في دواخل نفسه وبين حنايا روحه مما يجد ويكابد من عمله في البحر وأمواجه العاتية المتلاطمة، ويتخرج بعد فترة من التدريب ضابطًا يشار إليه بالبنان في الانضباط والحضور ويتميز بمقترحاته البناءة ومبادراته التي تسهم في تطوير العمل؛ مما كان سببًا في سرعة ترقيه وتقلده المناصب العسكرية الواحد تلو الآخر إلى أن وصل إلى رتبة كولونيل، وبعد أن وصل إلى هذا المنصب راودته نفسه أن يلقي عصا الترحال وأن يتقدم بطلب تقاعده، إلا أن مسؤوله طلب منه التريث وعدم الاستعجال، وأنه لا يمكن قبول استقالته في الوقت الحالي.
وكعادة الأيام الحبلى بالمفاجآت، تم الإعلان عن تقاعد الجنرال قائد الوحدة، فتم ترقية الكولونيل سالم ليصبح قائدًا لتلك الوحدة، يأتمر بأمره وينتهي بنهيه الجميع، فيا لها من أقدار وما أعجبها من مفاجآت! فمن كان يظن أن سالمًا الكاره للبحر الذي لا يحب الإبحار ولا يطيقه يعتلي قمة المجد فيتوج قائدًا يطوع البحر لخططه واستراتيجياته! لا أظن أنه كان ليتأتى لسالم ما وصل إليه من مجد لولا العزيمة الوقّادة والإرادة التي لا تُقهر، والالتزام الجاد الذي أبداه طوال مسيرته المهنية ليكون تتويجه المستحق بأن يكون الأول ويبزّ أقرانه ممن يهوون البحر ويبادلونه حبًّا بحب، لكن متى كان الحب وحده كافيًا لتحقيق الأمنيات دون تضحية وعمل جاد وإرادة صلبة لا تلين في مواجهة تحديات الحياة ومتطلبات الصعود على صهوات المجد وقمم التميز والإجادة؟!».
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/قصص-من-واقع-الحياة-في-مجموعة-الجنرال-لا-يحب-البحر