كيف نقدم لأطفالنا أدبًا يشدهم ويواكب عصر التكنولوجيا وعلى من تقع المسؤولية.. ؟

استطلاع : بسام جميدة :
٧ كتاب يجيبون على سؤال «عمان»
ضمن المتغيرات العصرية وثورة الاتصالات والتقنيات الحديثة التي باتت في متناول الجميع ومنهم الأطفال، ثمة سؤال يفرض نفسه بقوة، كيف نتعامل مع أطفالنا ونشدهم للثقافة والقراءة، وهل ما زال ما يقدم لهم من نمط ثقافي يقتصر على الأدب المتعارف عليه في القصة والشعر يناسب ذوقهم وينمي مداركهم ويلبي نهمهم، في ظل ما يقدم لهم من مختلف صنوف التسلية الإلكترونية التي قد تذهب بهم بعيدا، وهل بات الأديب العربي مطالبا بمواكبة هذه التغييرات والانتقال إلى أدب يناسب هذا العصر والتكنولوجيا…؟

وما الاقتراحات والبدائل حتى نبقي على أطفالنا مشدودين للثقافة بدل التوجه للألعاب الإلكترونية وغيرها مما يصل إليهم عبر الإنترنت…؟

وهل يجب البحث عن حلول لإيجاد بديل مناسب عن الكتاب الورقي، والمجلة الورقية، أم الإبقاء عليها وترغيبهم بها…؟

شئنا أم أبينا، اقتحمت التكنولوجيا حياتنا، ودخلت عقول أطفالنا، وغالبية أطفالنا لم يعد يستهويهم ما كان يجذبنا، لأنهم يتعاملون اليوم مع أمور جديدة لم تكن متاحة في طفولتنا، لا القصص ولا الأشعار ولا التسالي ذاتها، بل اليوم هناك شيء مختلف وطروحات بأفكار مختلفة، غالبها يعتمد على الخيال والغرائب وعلى التسالي الإلكترونية، تأتيه بطريقة جذابة أكثر عبر شاشة.

في الملف التالي أطروحات حول كيفية مواكبة التطور العلمي بما يتوافق مع نهم وحب الأطفال للمعرفة، وكيفية جذبهم لهذا العالم الإلكتروني المفيد، بما يتناسب والعصر الحديث، ففي الوقت الذي يتوارى فيه كل ما هو ورقي، لا بد من الاجتماع على كلمة سواء لإبقاء الأطفال مشدودين لعالم القراءة والاطلاع والعلم باستثمار هذه التكنولوجيا المهمة، وهذا يقودنا إلى الدائرة الأولى التي يجب أن يديرها الأهل بعناية، فكما ينجذب الطفل للورقي عندما تكون بيئته مهتمة بهذا الجانب، وهناك من يوجهه لاهتماماته الصحيحة، أيضا في هذا الوقت للأهل دور، بل دور أكبر وأشمل لتوجيه الأطفال والعناية بهواياتهم وإرشادهم لما هو صحيح، حتى لا يتسلل الفاسد منه إلى أيديهم حيث كل شيء متاح بكبسة زر صحيحة أو خاطئة.

للأهل دور كما للمدرسة، وللمؤسسات الدور ذاته في الإبقاء على اهتمامات الأطفال المفيدة وجذبهم إليها، مع الإشارة إلى تطوير المحتوى والهدف بما يتوافق مع التفكير الجديد للطفل الذي بات يعيش عالمه الجديد، وهذه تحتاج لرعاية وتمويل حكومات ومؤسسات ضخمة تعمل وفق استراتيجية مدروسة بعناية للبناء على عقول الأطفال لحمايتهم من الغزو التكنولوجي غير الهادف، ليكونوا نواة بناء صحيحة لمجتمع متطور.

في التالي محاور الملف، تعالوا نتابع:

————————————————

أطفالنا أسارى التكنولوجيا –

د. طارق البكري –

أصبح عالم الأطفال مغايرا لما كان يعرفه جيلنا والأجيال التي سبقتنا، وتعثرت ملامح البناء التي كانت تعتمد فيما مضى على براءة الكلمة وبراءة التعليم وبراءة التفكير، اليوم نجد الآلة على أشكالها باتت تتحكم بنا، وباتت الطفولة أسيرة لهذه الآلة، وأي ادعاء آخر يتنافى مع الواقع الذي نعيشه وبتنا نلمس ناره بكل استشعار. كثير من الأطفال باتوا أسارى الهاتف، والتلفاز، والحاسوب الذكي، وكل شيء حوله أصبح ذكيا. فكان لزاما عليه حتى يتعامل معها أن يكون أكثر ذكاء منها. ولكن هذا الذكاء كلفنا البراءة التي كانت الطفولة تتميز بها. ما بين الألعاب الإلكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي المختلفة، واتساع الأفق الإلكتروني بشكل هائل صارت العوالم كلها تتعارك في عالم البراءة الطفولية، ولم نعد باستطاعتنا -أدباء وإعلاميين وتربويين- فضلا عن المؤسسات الرسمية والمؤسسات الأسرية وأعني الأسرة النواة، لم يعد باستطاعتنا اليوم متفرقين ومجتمعين استعادة هذه «البراءة» التي تعاظمت «قوتها» مع تراجع قوتنا المسكونة بالماضي بينما هم مسكونون بالمستقبل. ما زلنا نفكر بعقلية قديمة لا تتماشى مع طفولة المستقبل، ما زالت مناهجنا وقصصنا وأنشطتنا ترسم الماضي وتحفر عميقا بعيدا عن المستقبل، الطفولة العربية بل العالمية كلها تعاني الواقع الذي نعيشه، بسبب الغزو الإلكتروني الذي أصبح يشارك أطفالنا فراشهم، ولم يعد للكثير منا سيطرة عليه حتى لو استطعنا في مراحل الطفولة المبكرة، لكن أسلحتنا تضعف مع مرور الوقت. لا أدري ما هي الطريقة التي يمكننا التغلب فيها على الواقع، هناك تجارب في بعض البلاد العربية رأيت لها نتائج طيبة لكنها تبقى محاولات محدودة، نحتاج حقيقة للتعاون بين كثير من الجهات لتحقيق الغايات الكبرى، الفكرة تحتاج إلى دراسات حقيقية وليس لمؤتمرات علنية لمجرد إثبات الوجود، نريد تعاضدا وتناصحا حقيقيا، ومن أجل هذا الغرض عمدنا إلى إنشاء (جماعة أدب الطفل العربي) فيها عشرات المتخصصين بأدب الطفل، نعمل بكل جهودنا بحثا وتطويرا ونشاطا يوميا وحققنا الكثير من الأنشطة، لكن مهما فعلنا تظل الأمور محدودة الغايات ولا أعتقد أن هذه الجهود مؤثرة ما دام الوطن العربي ممزقا وما دامت الجهود متناثرة، ومع ذلك ستبقى الطفولة أملنا لتحقيق الغايات مهما كانت الصعاب.

——————————————

الثقافة الرقمية للطفل مطلب أساسي –

د. وفاء الشامسية –

الكاتب الحقيقي للطفل، القريب من احتياجاته، المتنبئ بما يتناسب معه وهو يعايش الثورة الصناعة الرابعة يتوجب عليه أن يكون ذا حساسية مفرطة بما يستلزم معالجته أدبيًا وفنيا وتقديمه في قالب يواءم المضمون. إن مواكبة التغييرات والانتقال بتروٍ إلى صناعة ثقافة الطفل الرقمية – إن صحت التسمية – مطلبٌ أساسي يجب أن تتم العناية به، فالطفل لم يعد كما كان مكتفيًا بما حوله من مصادر المعرفة التي لم تكن تتجاوز محيطه المألوف، بل أصبح يستقبل المعرفة في مختلف المجالات، وبشتى الطرق، بـ (كبسة زر). ولأن الطفل قارئ بصري بامتياز فإننا نجد تنوّعا فيما يُنتج له، من القصص المصورة، والكتب الصامتة، والفنون البصرية المختلفة إضافة إلى إنتاج الأفلام الكارتونية، وأفلام الإنيميشن والتطبيقات الذكية التي تستهدف الطفل.

إن التوقف عند حدود الكتاب الورقي ليس من مصلحة الكاتب، ولا من مصلحة الطفل نفسه؛ يجب أن نتعامل مع الأمر بسياسة حكيمة تتطلب أن (نمسك العصا من المنتصف) وأن يتم إنتاج ما يناسب توجهات الطفل نحو العالم الرقمي، ويشبع فضوله في العالم الافتراضي.

والتوازن يفرض أن ما يُنتج ورقيًا يجب أن يكون بمعايير جاذبة ومناسبة لخصائص الطفل في عصرنا الحاضر، وهنا يمكنني تسليط الضوء على الكتب التفاعلية التي تتيح للطفل فرصة التعاطي معها، والتفاعل الإيجابي مع مضمونها، أضف إلى ذلك أن تعالج الكتب موضوعات تهم الطفل من واقع خبراته، واهتماماته، وتأخذ بيده لتطوير مهاراته المختلفة، ولا بأس أن يأتي الكتاب الرقمي مكمّلا لدور الكتاب الورقي طالما أن الأهداف واحدة.

تسيّدت الألعاب الإلكترونية عالم الأطفال واليافعين، فهي تتيح لهم القيام بما يحبونه دون قيود، أجد أن إتاحة الفرصة للطفل لكي يتعرف إلى عالم الألعاب الإلكترونية ويستمتع بها وفقا لنظام محدد من قبل المربين؛ لهو ضرورة ملحّة. نحن لا نريد طفلا معزولا عن العالم الرقمي، ولكن في الوقت نفسه يجب أن يكون هذا التواصل والتفاعل تحت إشراف ورقابة، ومستندًا إلى تعزيز الرقابة الذاتية لدى الطفل.

——————————————–

الحلول كثيرة والبيئة مهمة –

د. حصة العوضي –

في هذا القرن الجديد، انطلقت التكنولوجيا من عقالها، بشكل سريع، بحيث إن البعض لم يكن مدركا لهذه الوتيرة التي تسري بها الأحداث الحديثة، من تقنيات كانت في السابق تؤديها مجموعة كثيرة من الأجهزة لتصبح جهازا صغيرا بحجم كف اليد والجميع يستخدمونها ولا يمكنهم الاستغناء عنها لأنها أصبحت تمثل لهم الأمس واليوم والغد. من هنا اتجه الصغار والذين كانوا يعتمدون على المطبوعات الورقية في تعليمهم وثقافتهم إلى حمل هذه الأجهزة واستخدامها في كل شؤون حياتهم، وخاصة أنها تتجه إليهم بالصوت والصورة والحركة، وتقدم لهم شتى مطالبهم الثقافية، من تعليم وترفيه وأخبار ومعلومات ولغات، وموسيقى، واتصالات، وكسب الأصدقاء، والألعاب الإلكترونية، وغيرها. لقد خلقت لنا هذه الأجهزة جيلا اتكاليا، لا يمكنه حل المشاكل البسيطة، ولا التفكير بشكل مبدع أو خلاق، وانتهت الخيالات والدهشة من على وجوههم، فقد أصبحوا يحملون العالم بين أيديهم. تعددت الآراء في إيجاد الحلول للمشكلة لإبعاد الطفل عن حمل الكتاب الورقي، واستبداله بالإلكتروني، في عملية تثقيف الطفل وتعليمه، حتى أن الكثير من الهيئات المتخصصة بالثقافة أصبحت تصدر مجلات وكتبا وقصصا وحكايات وأناشيد ومجلات مصورة، عن طريق تلك التكنولوجيا، وأعلن البعض عن انهزام الكتاب الورقي لمصلحة الإلكتروني. رغم أن المجال أصبح محتكرا للإلكترونيات بكافة أنواعها، فما تزال للورق أهميته، والكتاب الورقي موجودا بين الأيادي، وما يزال المبدعون يتخيلون ويكتبون، ويقدمون الحكايات الجميلة والخيالية بكتاب ملون مشرق، جذاب. ومع كل تلك الحقائق، لا زلت مؤمنة بقيمة الكتاب الورقي المعنوية والحميمية بينه وبين القارئ، ولا يزال بعض الآباء يصحبون أولادهم للمكتبات للاطلاع على أحدث المطبوعات في القصص والموسوعات العلمية، ويقدمون لأطفالهم كتبا مكافأة لهم على إنجازاتهم وتفوقهم. رغم انجذاب الطفل الصغير للألوان المشرقة والرسوم المتحركة على الشاشات، إلا أنه ينجذب بسرعة لصوت تقليب الورق، ولسحب الصحيفة أو الكتاب من بين يد الأب أو الأم، ولمحاولته تقليدهما في القراءة، والانجذاب إلى قصص التلوين، والقصص التي تحتاج لوضع الملصقات الخاصة بالأحداث في مكانها المناسب، وللأسماء والصور الجميلة لجذب هذا الصغير إلى الكتاب الورقي، منذ بداية نموه الجسدي والعقلي، ليتم التفاعل بسلاسة ويسر بينه وبين الورق.

———————————————

للثورة التقنية فضائلها أيضا –

خليل جزعل –

الطفل يتفاعل مع القصة والشعر المناسبين له وهما ضروريان جدا لتنمية ذائقته الجمالية، ويسهمان بشكل فاعل في إثراء قاموسه اللغوي واتساع معارفه، وتربيته، وتحصيله العلمي وحب الاستطلاع والفضول الفائق عنده. كل هذا إذا أحسنّا الاختيار، وعرفنا كيف نقدّم المادة الأدبية بطريقة شائقة تراعي خصائص المرحلة العمرية التي يوجه لها الخطاب. الثورة التقنية والاتصالية لا تمنع الطفل من التفاعل مع النص الأدبي الجميل، على العكس ممّا نتصور هي أسهمت في إضافة وسائط جديدة لتقديم أدب الطفل كانت مقتصرة سابقًا على المطبوع الورقي المتمثل في الكتاب والمجلة غالبًا أو في البرامج الإذاعية التلفزيونية في أحسن الأحوال. زادت فرص النشر اليوم، وتعدّدت الوسائط، فصار الطفل يتلقى رسائل متعددة فيها الثقافي والأدبي (الرصين) وفيها التجاري الهابط والساذج وفيها (المدمّر) الموجّه والمخطّط بعناية وخبث. هنا يأتي دور الأهل في متابعة نمط الرسائل التي يتلقاها أطفالهم. ودور المؤسسة الثقافية المختصة التي تحرص على تنشئة الطفل بشكل سليم. بعض دور النشر التي تخصصت بمطبوعات الطفل، تفكر بالكسب المادي على حساب نوعية النصوص التي تقدّمها للقرّاء الصغار، وهي بهذا الشكل تسهم في خراب الذائقة الأدبية والجمالية لديهم. غياب الرقابة والخبراء المشرفين على ما يصدر من مطبوعات جعل الكثير من النصوص الرديئة (شعرًا وقصةً ومسرحًا ورواية) تتسرب وتطغي على النصوص المتميزة التي يبدع في كتابتها أدباء تخصّصوا في هذا الميدان. رغم ذلك أرى، من خلال متابعتي للتجارب العربية، بروز أسماء شابة واعدة في بعض البلدان العربية وفي مقدمتها سوريا والعراق ولبنان استطاعت أن تلفت الأنظار إليها بقوة، الأمر الذي جعلنا نتفاءل بمستقبل أدب وثقافة الأطفال في الوطن العربي. توقف بعض مجلات الأطفال العربية عن الصدور ورقيًا وتلكؤ صدور القسم الآخر يحرم أطفال اليوم من التواصل مع أدب الطفل بشكل منتظم كما كان الحال مع قرّاء الأمس ممن كانوا يتابعون بشكل دوري ومنتظم صدر مطبوعاتهم المفضلة التي شكلت ثقافتهم ووعيهم. صحيح أن المقارنة بين أطفال اليوم وأطفال الأمس فيها شيء من الصعوبة لاختلاف الظروف السائدة، لكن تبقى سمات الطفولة وقواسمها المشتركة واحدة على مر العصور، وعلى كاتب الأطفال أن يفهم طبيعة جمهوره كي ينجح في مهمته مهما اختلفت وسائط التواصل مع القرّاء.

———————————————–

يجب أن يطور الكاتب أدواته ويواكب المتغيرات –

ناهد الشوا –

كثرت الإبداعات التي ظهرَتْ في أدب الطفل في الآونة الأخيرة بصرف النَّظر عن قيمتها الفنيَّة، وجودتها، فتحت المجال للتَّنافس الشريفِ بين المهتمِّين لتجويد وتحسين ما يقدِّمونه للطِّفل، كما أعطت الفُرصة المناسبة للنُّقاد والدارسين لتمحيص هذه الإصدارات، وبالعموم ما زال أدب الطفل يحبو في العالم العربي.

أزمة كورونا وضعت الكتب الإلكترونية أمام الأطفال، لكن ما إن فتحت الحدود وعادت الحياة لطبيعتها حتى أقبل الأهل على المكتبات لاقتناء الكتب الورقية، وكناشرة لاحظت إقبالًا شديدًا على كتبنا الورقية، واهتمام الأهل باقتناء أكبر مجموعة ممكنة.

الكتاب الإلكتروني لا يمكن -على الأقل حتى الآن- أن يكون بديلا حقيقيا عن الكتاب الورقي. وتراجع نسبة اقتناء الكتب المطبوعة لن يلغي مستقبلها وانتشارها لكونها لا تزال جزءا من العملية التعليمية. ولا بد أن تجد وسائط جديدة لتصل بشكل ملفت وجذاب للطفل الذي يمسك الأيباد والهاتف أكثر الوقت. الوقت الحالي السريع أضحى يفرض على كتاب أدب الطفل تغيير مضامينهم وشكل القصص حتى تتماشى مع المتخيل الجديد، وتعد كتب الأطفال إحدى الأدوات المهمة للتغيير، ولأن الكتابة للأطفال أصعب أنواع الكتابة ويجب أن تخضع لاعتبارات تربوية وسيكولوجية، وأدبية وفنية وهي مهارة ولغة تشكل تحديًا كبيرًا أمام الكاتب العربي لتقديم ما يتناسب مع ذهنية الأطفال، حتى يتمكَّن من التعامل الإيجابي مع الطِّفل الذي قد لا يستطيع أن يعبِّر عن رغباته وآماله إلاَّ بالتجاوب مع الإبداعات في شكلها النِّهائي. فالطفل يحتاج أدبا يعتني به ويراعي ويفهم مشاعره وأحاسيسه ورغباته وطموحاته.

نحتاج لكتاب متخصصين بنمو الطفل، يملكون المواصفات الضرورية للكتابة الإبداعية والتربوية للفئة العمرية التي يتوجهون إليها لأن الطفل يتأثر بالمادة المكتوبة. ذائقة الطفل الأدبية تبدلت مع تبدل العصر والأحداث ومروره بتجارب وخبرات لم يمر بها الأطفال منذ 50 عاما.

نعم نحتاج أدبا يتطرق لموضوعات متجددة مع تجدد العصر وتوائم الأحداث التي يمر بها، على سبيل المثال الأزمة التي نمر بها، الحروب، التناقضات العالمية التي حولنا، وأزمة كورونا، والفضاء. وأن نعزز مفاهيم فكرية مهمة مثل التفكير الحر، ونبذ العنصرية، وتقبل الآخر، والمبادرة والتفكير خارج الصندوق، بحيث يقدم العمل الأدبي إجابات لأسئلة الطفل حتى من الناحية الفنية والجمالية للكتاب، لأن الذائقة الجمالية تبدلت، وعلينا أن نساير الحداثة في هذا المضمار.

———————————————-

المزج بين الاثنين مطلوب –

رامز حاج –

بات كتاب الطفل ومجلاته الورقية ضمن دائرة البحث والتنظير في موجة الهجوم الطاغي لوسائل التقانات الحديثة التي باتت في متناول كل طفل تحمله لعوالم من الإبهار والجذب عالية التأثير- فصار لزاما على المتصدين للمشهد الثقافي للطفل أدبًا وفنًا أن يغيروا مفردات تعاطيهم مع الطفل من ناحية اللغة أولا والارتقاء بها لما يتناسب مع الطفل وهواجسه وتطلعاته في هذا العصر، ومن خلال اللوحة والألوان وطرائق الشد المختلفة لذائقته من طباعة جميلة وأنيقة وشكل مميز للكتاب أو المجلة، ولا بد من المحافظة على روح الحالة الوجدانية بين الطفل والكتاب الورقي، وعيننا على التطوير والتحديث بحيث ننقل له أيضا نسخة من هذا المحتوى من الورق نحو التقانات والتطبيقات والتصفح الإلكتروني فنحقق بذلك مزجًا مقنعًا له بحيث نشبع رغباته وميوله في الحالتين مع المحافظة على روح الأصالة وأخلاقيات المهنة هنا وهناك على حد سواء.

نستطيع على سبيل المثال أن نقدم له مع المحتوى الفكري والفني عبر المطبوع الورقي نافذة وإطلالة على موقع تابع للمجلة أو الكتاب بحيث يتفاعل فيه مع أناشيد مغناة وحلقات كرتونية عن أبطال العمل وعدد ما شئت من وسائل جذابه بحيث يصبح فيما بعد تعلقه بأبطال العمل أمرا يسمح لنا بتمرير الرسائل التي نريد في المطبوع والمقروء والمرئي مع بعضها البعض، مع النداء للمحافظة على روح الورق يجب ألا تغفل أعيننا على ضرورات التطور ومواكبة التقانات والحداثة لنضمن وجودنا في أيدي الأطفال حيثما ذهبوا في خياراتهم الثقافية، فالأطفال باتوا اليوم يتعاملون مع مفردات جديدة تعبر عن التطور والتقانات والعلوم الحديثة ويحفزهم دائما الخيال العلمي والمغامرات الخاصة بالفضاء.

———————————————-

تسخير التكنولوجيا لكتابة أدب يحفز معارف الطفل –

شيخة الزيارة –

لكل كاتب هوية وخط يتميز به، الأمر الذي يجعل له قراء يميلون لهذا الخط والأسلوب الذي يتبعه الكاتب ولكن هؤلاء القراء تتطور ذائقتهم على مر السنين، لذا من المهم أن يكون الكاتب مواكبا للزمن ومتسقا مع المتغيرات التي تحدث حوله سواء على مستوى ما يقدمه من ثقافة أو على الطريقة التي يقدم فيها أي محتوى، حيث إنه من المهم أن ينمي معارفه ويطور من أدواته ومهاراته التقنية والفنية ويستمر في تطويرها من خلال التعلم الذاتي والاطلاع، والأهم التعلم من الطفل نفسه للتعرف على ذائقته، وإن من أبرز نجاحات الكاتب أن يكون على تواصل مع جمهوره من الأطفال يتعرف عليهم وعلى تطوراتهم في شتى المجالات.

الكتاب التقليدي ما زال وسيبقى يشكل قيمة مهمة ولا نريد أن نفقدها ولكن إذا ما تمت الاستعانة بالتكنولوجيا معه فقد تصل المادة الثقافية بشكل مضاعف وفعال فإن ألغينا وجود الكتاب سيظهر جيل يعد الكتاب شيئا من التراث وهذا ما لا نحبذه ولا نسعى للوصول إليه، فإن كان الأطفال يركزون على التعلم باللعب والتشويق فإننا نستطيع أن نواكب هذا التطور من خلال صنع أدب يجمع بين الكلاسيكي ومتطلبات العصر بالاستعانة بخبراء التكنولوجيا نستطيع أن نطور القصص إلى ألعاب تنمي مدارك الأطفال، نرى أن الألعاب الإلكترونية ولاسيما ألعاب المغامرة منها تشد وتجذب انتباه الأطفال كثيرًا فإن توفرت للكاتب فرصة لصنع القصص من خلال هذه الألعاب يكون قد اجتاز تحديا كبيرا. ولنكن واقعيين؛ فلا يستطيع كاتب القيام بذلك وحده بل لا بد من تكاتف الجهود.

أما عن الحلول فأنا أرى أن يكون التغيير متدرجا لأن الكتاب هو المصدر الأساسي ثم تأتي معه باقي البدائل، ولا مانع أبدا من أن يتم توفيرها بشكل موازٍ حتى نصبح مواكبين للعصر، وخصوصا أن النشر الإلكتروني والأجهزة الحديثة قد أصبحت في كل بيت بل وفي كل مكان تقريبا. وبما أن الهدف الرئيسي لكل كاتب هو أن يصل ما يكتبه إلى الآخرون فإن الاستعانة بجميع الوسائل هو أمر مطلوب ومهم لكن دون تهميش الكتاب بشكله التقليدي حتى لا يصبح في يوم من الأيام من الآثار.
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/كيف-نقدم-لأطفالنا-أدبا-يشدهم-ويواكب-عصر-التكنولوجيا-وعلى-من-تقع-المسؤولية