كتب – عامر بن عبدالله الأنصاري
صدر عن دار «مكتبة رؤى الفكرية » كتاب جديد حمل عنوان «المدرسة الكمالية الشافعية في زمن الامبراطورية العمانية البوسعيدية»، من إعداد الباحث أحمد بن عبدالرحمن بن أحمد الكمالي، الذي تناول في الكتاب حقبة زمنية امتدت من منتصف القرن الثامن عشر وحتى الفترة الحالية.
ويعد الكتاب إصدارًا فريدًا عكف عليه الباحث أحمد بن عبدالرحمن الكمالي طويلًا، باحثًا، ومحققًا، ومفككًا لحروف مخطوطات قديمة لتوثيق ما جاء فيها للأجيال القادمة، حتى خرج الإصدار مادة تاريخية محكمة غنية بالمعلومات والتفاصيل عن سيرة منطقة شبه الجزيرة العربية والجزر العربية الواقعة في مياه الخليج العربي ورجالاتها وخاصة مؤسسي المدرسة الكمالية وطلابها ونبذة عن تاريخ غالبية عظمى منهم.
استقى المؤلف تفاصيل الإصدار من مصادر عديدة متنوعة، منها كتب في أعلام علماء الدين في المنطقة، ومنها ما هو شفهي نقلًا عن أشخاص التقاهم ممن عاصروا رجالًا من مؤسسي المدرسة الكمالية في حقبة من الحقب القديمة عايشوها ورَوَوُا تاريخها وكثيرًا من المواقف التي تُبيَّن صفات وأخلاق أعلام المدرسة الكمالية، ليكون الإصدار مؤرشفًا لأقوالٍ وأحداثٍ لم تُدوَّن من قبل، كما اعتمد المؤلف على المادة المرئية في الكتاب.
المادة المرئية في الكتاب متنوعة، منها صور لأعلام لهم علاقة وثيقة بالمدرسة الكمالية، من مؤسسين وإداريين ومدرسين وطلاب، وصور لحكام إمارات شبه الجزيرة العربية وجزرها، وصور لمباني المدارس الكمالية الثلاث، وصور لمخطوطات ووثائق قديمة شاهدة على تاريخ مضى، منها وثائق علمية وتعقيبات بأسلوب تعبيري طوته السنين يعكس كيف يصف العالم الجليل نفسه تواضعًا منه وزهدًا، ومنها وثائق من وإلى الطبقة السياسية الحاكمة، تشهد على علاقة وثيقة بين مؤسسي المدرسة الكمالية وحكام المنطقة الذين وَثِقُوا برجالات قبيلة الكمالي من العلماء الأفاضل فكان منهم المفتي والقاضي بحكم كتاب الله وسنة نبيه بأمر من الحكام.
قسَّم الباحث أحمد بن عبدالرحمن الكمالي الكتاب إلى أربعة فصول، الفصل الأول تناول فيه الباحث أصول بنو كمال وهجرتهم والتعريف بهم.
أما الفصل الثاني فتناول فيه شبه جزيرة مسندم (محافظة مسندم) والمناطق التابعة لها، وهي محل إقامة بني كمال.
وفي الفصل الثالث تاريخ نشأة المدرسة الكمالية وأهدافها ومناهجها.
أما الفصل الرابع فانقسم إلى ثلاثة مباحث، المبحث الأول المدرسة الكمالية في الجزيرة الطويلة «جزيرة قشم حاليا»، والمبحث الثاني المدرسة الكمالية في ولاية صحار «فلج القبائل»، والمبحث الثالث المدرسة الكمالية في محافظة مسندم «ولاية خصب وولاية بخاء».
ويقول الباحث أحمد الكمالي في مقدمة كتابه: «هذا الكتاب ليس كتابا تاريخيا بالمعنى التفصيلي، إنما هو إلمامة بتاريخ المدرسة الكماليـة وأهدافها، وسيرة مشايخها وبعض طلبتها، في زمـن الامبراطورية العمانية البوسعيدية في الفترة من منتصف القرن الثامن عشر حتى يومنا الحاضر، جمعته وفاء بحق آبائي وأجدادي الذين بذلوا أعمارهم وأوقاتهم وأموالهم في سبيل نشـر علـوم الدين الحنيف وأحكامه، وخوفا من أن يطوى تاريخهم ويغرب نجمهم مع مرور السنين عن الجيل الحالي وعن الأجيال القادمة، حتى يطلعوا على أجزاء من تاريخهم، ويكون حافزا لهم على السير على طريق الآباء والأجداد، فالكتاب مساهمة متواضعة وحلقة من ضمن سلسلة طويلة من الكتب التي صدرت حديثًا في تراجم علماء الخليج».
وتطرق الكاتب إلى نشأة المدرسة الكمالية، مشيرا إلى أن ميلاد الشيخ «محمد بن كمال» من أوائل مؤسسي المدرسة الكمالية كان مع بداية نشأة الامبراطورية العمانية البوسعيدية عام 1747 ميلاديا، وكان افتتاح المدرسة الكمالية على وجه التقريب في عام 1780 ميلاديا.
كما جاء في الكتاب تعريف بنظام المدرسة الكمالية، حيث تعد المدرسة الكمالية امتدادا لفكرة إنشاء المدارس الدينية القديمة وبالأخص المدارس النظامية الشافعية، فهناك تقارب في الأهداف والوسائل والمناهج الدراسية وطرق التدريس، وتعد المدرسة الكمالية من أقدم المدارس الدينية في الخليج العربي التي لا زالت تعمل إلى وقتنا الحاضر، في الجزيرة الطويلة «جزيرة قشم»، وكان لها أفرع في ولاية صحار وخصب في سلطنة عمان، ولكنها أغلقت بوفاة مشايخها، ويعتقد أن الشيخ محمد بن كمال لم يؤسس المدرسة ابتداء، فهي موجودة منذ زمن آبائه وأجداده، وإنما هو أكمل مسيرتها.
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/إصدار-جديد-يسرد-تاريخ-المدرسة-الكمالية-الشافعية-منذ-نشأتها-في-1780م