مسابقات متنوعة في “الكروس فيت” والعنصر النسائي الأكثر إقبالا

كتب – إسحاق السعيدي
تحظى رياضة “الكروس فيت” بإقبال كبير من قبل الشباب والفتيات خلال الفترة الماضية، والتي تختص باللياقة البدنية بامتياز، وتندرج تحتها عدة رياضات مثل: رياضة رفع الأثقال والجمباز وألعاب القوى المختلفة والألعاب الهوائية والسباحة والجري، كما أنها تمارس بشكل متتال ومتواصل معتمدة بذلك على عنصر التحمل بشكل كبير. وتعد هذه الرياضة من الرياضات الحديثة، حيث ظهرت في عام 2000 في الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تنتشر حول العالم بشكل سريع، إذ يمارسها حاليا أكثر من 10 ملايين رياضي، من 15 ألف صالة رياضية في 153 دولة حول العالم ويتساوى فيها عدد الذكور والإناث، بل غالبا يزيد عدد الإناث حسب بعض الإحصائيات.

ويعرّف الكثيرون “الكروس فيت” على أنها “حركات وظيفية متنوعة باستمرار يتم تنفيذها بكثافة عالية عبر مجالات زمنية واسعة ونطاقات نمطية”، وتشمل تمارين الجمباز ورفع الأثقال وتمارين وزن الجسم والتجديف والتمارين الهوائية والجري والسباحة، حيث تهدف إلى تطوير عناصر اللياقة البدينة وهي: التحمل والمرونة والقوة والسرعة والتنسيق والرشاقة والتوازن والدقة والتوافق العضلي والعصبي، والتي نادرا ما تجتمع في رياضة واحدة. وتعد برمجة “الكروس فيت” لامركزية، إذ يتم استخدام منهجيتها العامة من قبل الآلاف من الصالات الرياضية الخاصة وإدارات مكافحة الحرائق ووكالات إنفاذ القانون والمنظمات العسكرية، وكذلك من قبل بعض معلمي التربية البدنية والفرق الرياضية في المدارس والكليات ومرشحي العمليات العسكرية الخاصة.

دورات المستوى الأول

(عمان الرياضي) سلط الضوء على هذه الرياضة من خلال المختصين بها. حيث قال المعتز الحسني مدير إحدى الصالات المتخصصة في تدريب هذه الرياضة: دخلتُ رياضة “الكروس فيت” منذ عام 2015 مع مجموعة من الشباب المهتمين بهذه الرياضة، مشيرا إلى أنهم قبل ذلك كانوا يمارسون رياضة الجيم فقط، وأكد الحسني أنهم بدأوا معرفة هذه الرياضة من خلال الأقارب والأصدقاء، حيث إنهم بدأوا بممارسة الرياضة في الصالة الوحيدة التي كانت تتيح ممارسة هذه الرياضة في سلطنة عمان، وتابع، أنهم قاموا بتثقيف أنفسهم ذاتيا وذلك عن طريق الاطلاع مع أخذ دورات تدريب في المستوى الأول من أجل الحصول على الاعتماد الرسمي من الشركة، وهذا يعتبر شرطا من شروط اعتماد الصالات بشكل رسمي، مبينا أنه بعد ذلك جاء افتتاح الصالة الخاصة بهذه الرياضة في عام 2019. وأشار الحسني إلى أن فكرة افتتاح صالة مختصة في رياضات “الكروس فيت” جاءت رغبة في نشر هذه الرياضة في سلطنة عمان، لذلك كرس جهده في تصميم صالة مريحة ومفتوحة بها جميع المواصفات الصحية والمستلزمات الفنية المطلوبة، وهذا ما لم يكن متوفرا في أي صالة رياضية أخرى في سلطنة عمان، على عكس ما اعتاد الناس أن يمارسوا رياضاتهم في الأماكن المغلقة، ولذلك تم تقديم هذه التجربة المختلفة.

وأكد الحسني أنهم استهدفوا بعض الأشخاص من خارج الرياضة ولم يتم استقدام لاعبين محترفين كما هو شائع في كثير من الصالات الرياضية، وتابع: إنهم كانوا يهيئون المشتركين الجدد في الصالة لهذه الرياضة لمدة سنة كاملة حتى يستطيع المتدرب فهم الرياضة وممارستها بالشكل الصحيح. واستكمل حديثه: إنهم كانوا يركزون على رياضة “الكروس فيت” لإضفاء روح من الحماسة عند العمل كفريق، والاستفادة القصوى من ساعات التدريب، وهذا بخلاف الصالات المتعارف عليها التي يقوم المتدرب فيها بالعمل بشكل فردي مما يؤدي إلى الملل بعد مدة قصيرة خاصة عند عدم وجود جدول محدد يلتزم به المتدرب، مبينا أنه في الصالة الرياضية يتم تقديم حصص تدريبية ولمدة ساعتين في الصباح، وساعتين في فترة الظهيرة، ثم حصة كل ساعة وذلك من الساعة الرابعة وحتى التاسعة مساء، حيث أشار إلى أن المتدرب عند قدومه للصالة يقوم بتمارين الإحماء ثم التقوية انتهاء بالتمارين الشاقة بمتابعة وحرص شديدين من المدرب، كما أكد أنه من أكثر ما يميز الصالة المختصة برياضة “الكروس فيت” هي وجود قسم نسائي كأول صالة في سلطنة عمان تقدم تلك الخدمة في ذلك الوقت.

تأثير جائحة كورونا

وحول التحديات التي واجهتهم، أكد الحسني أنه بعد افتتاحهم للصالة بعدة أشهر بدأت جائحة كورونا والتي أثرت بشكل كبير على تشغيل الصالة، مبينا أنه في تلك المرحلة كانت هناك صعوبات كثيرة، لكن الرغبة في الاستمرارية دفعتهم لتقديم الدروس عن طريق نظام الاتصال المرئي وإرسال برامج التمارين الأسبوعية لهم بشكل مستمر، وتابع أنهم قاموا بتأجير الأجهزة للمشتركين في الصالة للحفاظ على استمراريتهم في ممارستهم للرياضة، وأشار الحسني إلى أن عدد الأعضاء لديهم قليل جدا مقارنة بصالات الرياضة المختلفة وذلك رغبة منهم في التركيز على عدد محدد من الرياضيين من أجل تحقيق الفائدة القصوى، وبسبب زيادة تكلفة استقدام المدربين المختصين بـ”الكروس فيت” الذين ترتفع أجورهم بأضعاف كثيرة عن المدربين الموجودين في أغلب الصالات، حيث تعتبر أسعار العضوية في الصالة مرتفعة مقارنة بالأخرى، وهذا طبيعي عندما تحكمها الجودة والالتزام بسعة محددة.

وتابع الحسني حديثه: الكثير من الصالات تروج عن تمارين الشدة لديها على أنها “كروس فيت” وهي ليست كذلك، مبينا أن “الكروس فيت” لا يعتمد فقط على رياضات الشدة، بل تتجاوز ذلك إلى 11 رياضة مختلفة مثل: السباحة والتجديف، والأمر يزداد سوء عندما لا يملك مدربو تلك الصالات أي اعتماد رسمي، وعلى ضوء ذلك تأتي أهمية الاعتماد الرسمي للمدربين بعد أخذ الدورات التدريبية التي تقدمها الشركة، وهذا ما تم الحرص عليه قبل افتتاح للصالة، وأضاف: نسعى لدعم رياضة “الكروس فيت” وتقديم كل التسهيلات للرياضيين، ولذلك تتم استضافة القادمين من خارج سلطنة عمان دون مقابل، مؤكدا أن الصالة تقوم بتنظيم بطولات من وقت لآخر، سواء تلك التي تستمر لأيام أو بطولات التمرين الواحد.

دعم القطاع الخاص

وفي سياق متصل أكد الحسني أنه لا توجد بطولات رسمية لهذه الرياضة باستثناء تلك الوحيدة التي تنظمها شركة Open online qualifier بشكل سنوي ويشارك بها جميع اللاعبين حول العالم لمدة ثلاثة أسابيع، حيث إن المرحلة الأولى من البطولة تكون عبر تقنية الاتصال المرئي، كما أن المرحلة الثانية من البطولة تتم دون الحاجة إلى الحضور للدولة المستضيفة للحدث، حيث يتم إرسال تدريبات معينة للمشارك يقوم بها خلال 3 أيام بتحكيم من المدربين المعتمدين في الصالة التي يلعب فيها، مع إرفاق فيديو توثيقي، بحيث تكون التصفيات الأولية على مستوى كل دولة، ثم ربع نهائي بطولة العالم على المستوى الإقليمي، ويتنافس في نصف النهائي المتأهلون على المستوى القاري، وأخيرا المنافسة النهائية بين أبطال القارات.

ويضيف الحسني: شركة “كروس فيت” لا تقوم بتنظيم البطولات والإشراف عليها، ولا تقدم أي دعم مادي للأعضاء، بل تقدم الاعتمادات الرسمية وعلى ضوئها يعمل كل رياضي بشكل منفرد. كما أوضح أن سلطنة عمان لا تمتلك اتحادا رسميا معنيا برياضة “الكروس الفيت”، بل ترتبط ارتباطا عضويا بشركة “كروس فيت” في الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك فهي لا تخضع لأي إشراف رسمي حكومي في الدول، وبالتالي غياب الدعم لهذه الرياضة، مؤكدا قدرة الجهات المعنية بالرياضة في سلطنة عمان على دعم هذه الرياضة من الجانب التنظيمي، وتقديم التسهيلات في استخدام المرافق الرياضية، على غرار ما حدث في بطولة (فينيكس قيمز) في قطر التي أشرفت عليها ونظمتها أكاديمية أسباير التي تبنت البطولة وأشرفت عليها بشكل كامل.

وأشار إلى أنه لا يشترط الدعم المادي من وزارة الثقافة والرياضة والشباب بل يكفي الدعم التنظيمي لهذه الرياضة، والدعم المادي عادة ما تتكفل به الشركات الراعية للصالات والبطولات، موضحا أن اللعبة تأسست من العدم، وأصبحت لها هوية واضحة المعالم يمارسها الملايين حول العالم. وأشار الحسني إلى أنه يمكن للمتدربين ممارسة نفس الرياضة لكن بميزان مختلف من شخص لآخر، وذلك بوجود فارق في الأوزان أو التكرار أو نوع الحركة بين كل رياضي، مبينا أن كلٌ شخص وما يلائم قدراته والمرحلة التي وصل إليها مع التأكيد على ضرورة أن يبذل كل رياضي نفس الجهد الذي يبذله الرياضي الآخر.

بطولة فينيكس جيمز

أما الأخوان عيسى وعبدالله الكندي المشاركان في بطولة (فينيكس جيمز) في قطر والحاصلان على الترتيب الخامس في البطولة، فتحدثا عن رياضة “الكروس فيت”، حيث امتدح عيسى الكندي هذه الرياضة بقوله: هذه رياضة ليس لها حدود ولا تحدها رياضات معينة بعينها، مبينا أنه دائما ما توجد التمارين الجديدة في البطولات، وهذا نوع من التحدي الذي يواجهه المتسابق عند خوضه غمار أي بطولة، وأضاف أنه توجد مستويات وتصنيفات كثيرة لفئات مختلفة يمكن أن تلعب هذه الرياضة، فهناك التصنيفات السنية، وفئات النساء المختلفة، وأخرى للأشخاص ذوي الإعاقة. وتابع الكندي: بدأنا لعب هذه الرياضة منذ 2015، كنوع من الشغف والحب الذي تملكنا تجاهها وليس لغاية مادية أو رغبة في تحقيق إنجازات معينة، مشيرا إلى أنهم مع مرور السنوات تحققت أفضل النتائج على مستوى البطولات الخارجية من المشاركين في سلطنة عمان، مبينا أنه لا يمكن تصنيف سلطنة عمان من بين دول النخبة لهذه الرياضة لكن المشاركات أثبتت عكس ذلك من خلال استطاعة المشاركين العمانيين التأهل لربع نهائي بطولة العالم والمنافسة على مستوى القارة الآسيوية.

ضبط النظام الغذائي

كما تحدث الكندي عن الجانب الغذائي قائلا: يشكل الجانب الغذائي ما نسبته 60% من أداء اللاعب في أي رياضة، فكلما استطاع الرياضي ضبط نظامه الغذائي تمكن من الحصول على أداء افضل وعملية استشفاء أسرع، مبينا أن ما يميز لعبة “الكروس فيت” أن ممارسيها بحاجة إلى تناول الكثير من الطعام على عكس ما هو شائع، وذلك لأن اللاعب يحتاج إلى الكثير من السعرات الحرارية التي يقوم الجسم بحرقها أثناء التمارين، مبينا ضرورة تناول الفواكه التي تحوي على سكريات مثل الموز والمانجو والتمر، كما أن هناك الحاجة لتناول بعض الوجبات التي تحتوي على الكربوهيدرات والبروتينات.

إصابات اللاعبين

كما تطرق الكندي للحديث عن الإصابات مرجعا الأسباب إلى حماس بعض الرياضيين بسبب طبيعة الرياضة التنافسية مما يؤدي إلى ارتكابهم أخطاء تكنيكية أو حمل أوزان زائدة، مشيرا إلى أن أكثر الإصابات التي تقع تكون بسبب عدم الإحماء الكافي قبل ممارسة الرياضة، ووجود تدرج حركي يجب أن يتبعه اللاعب تجنبا للإصابات. وتضيف الشركة أن الرياضة آمنة نسبيًا حتى عندما تتم ممارستها بتقنية سيئة، ولكنها أكثر أمانًا وفعالية عند ممارستها بتقنية جيدة، وتقول الشركة أيضًا أنه يمكن تقليل أخطار الإصابة عن طريق توسيع نطاق التدريبات وتعديلها بشكل صحيح، وهو مفهوم يتم شرحه على موقع الويب الخاص بالشركة في دورة تدريب المستوى الأول.

ممارسة الإناث للرياضة

وتشير إحدى الإحصائيات إلى أن 50% من ممارسي هذه اللعبة من فئة الإناث، وتشير أخرى إلى أن النساء يشكلن 60% من محبي الكروس فيت، وفي هذا الصدد يعتقد عيسى الكندي أن وجود التمارين الجماعية والمستوى التنافسي هو سبب رئيسي لإقبال النساء على هذه الرياضة، فيما ينظر المعتز الحسني إلى أن الأمر يرجع لتميز “الكروس فيت” بمحاكاتها لممارسات وظيفية يقوم بها الإنسان في روتينه اليومي، وبالتالي هي أكثر فائدة من رياضات مثل بناء الأجسام التي يقوم فيها الرياضي بحركة واحدة متكررة هدفها تقوية العضلة أو إبرازها فقط. ورغم امتداحه للرياضة سابقا، لكن عيسى الكندي يقول: إن الرياضة مكلفة ومجهدة، وتحتاج إلى مكان محدد ولبس معين وأدوات مخصصة، كما تحتاج إلى علاج طبيعي ووقت للراحة، مشيرا إلى أنه لوصول اللاعب إلى مستوى احترافي يتطلب وجود الرعاة ودعم القطاع الخاص، كأن تتكفل بعض الشركات بمشاركة لاعب معين في مسابقة خارجية وتتحمل تكاليف مشاركته المادية، مؤكدا أن المشاركات الخارجية حتى الآن تتم بمصروف ذاتي ولا يوجد دعم من أي جهة.

دخول التصنيف العالمي

من جانبه أكد عبدالله الكندي أنه يحاول مع مرور السنوات تحسين مستواه والمحافظة على المستوى التصاعدي حتى الوصول لأعلى تصنيف عالمي للاعبين في هذه الرياضة، مبينا أن أي لاعب يمكنه الدخول في التصنيف العالمي عندما يتم تسجيله رسميا لدى شركة “كروس فيت”، سواء بشكل منفرد أو كفريق مع عدة أشخاص، وتتم عملية التسجيل عبر تسجيل مقاطع للاعب وهو يمارس الرياضة بوضعيات معينة وبمواصفات مشروطة ليتمكن حكام الشركة من تسجيل اللاعب.
https://www.omandaily.om/الرياضية/na/مسابقات-متنوعة-في-الكروس-فيت-والعنصر-النسائي-الأكثر-إقبالا