صلالة – عادل البراكة / تصوير – عابر جمعان ديوان
تستهدف نشر الوعي وتشجيع أنشطة التأليف والنشر
أقامت المديرية العامة للثقافة والرياضة والشباب بمحافظة ظفار جلسة قرائية حول كتاب “البطران” للمؤلف خالد بن سعد الشنفري أدارها الكاتب محمد الشحري، وتأتي الفعالية ضمن سلسلة كتاب من المكتبة (قراءة في كتاب) في قاعة المحاضرات في مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه، تحدث فيها كل من الدكتور شفيق النوباني أستاذ النقد والأدب بجامعة ظفار، والكاتب الناقد محمد شوشان قراءة معمقة في الكتاب، وسط حضور جمع من الكتاب والأدباء بمحافظة ظفار. وقد تحدث الدكتور شفيق النوباني عن الكتاب (البطران، سوالف الستينيات) قائلا: إن لكلمة سوالف علاقة بمعمار النص المعبر عن مرحلة الستينيات من القرن الماضي، ووجود خمسة نصوص في الكتاب تدل على طول نفس الكاتب في السرد. وأشار إلى أن التجنيس الأدبي للكتاب فهو مجموعة من أجناس أدبية عدة، فقصة الرعاة الصغار تستلهم الحكي وإن كانت أبعد عن القصة القصيرة.
وقال: نص الهاربون والعائدون وهو أفضل وأنضج النصوص في الكتاب فيكاد يصل إلى العالمية؛ نظرًا للصور الإنسانية والمواقف التي تعرض لها الشبان الثلاثة الذين حاولوا الهروب بحرًا من صلالة. أما نص كوريا موريا فهو عبارة عن نص توثيقي، بينما قصة الهروب الصعب فهي حكاية يسردها الجد لأحفاده، بينما قصة البطران التي حملها عنوان الكتاب، فهي قصة قصيرة مكتملة الأركان.
وتحدث الكاتب والناقد التونسي محمد نعيم شوشان عن التخييل التاريخي في البطران، وأشار إلى العنوان الفرعي “سوالف الستينات” تأطير زمني للسوالف أو الحكايات، ومن عتبة العنوان تشرع الحديث عن التاريخي بما أنّ الكاتب يضيف عنوانًا فرعيًا ثانيًا “ذاكرة مكان” وإذا تطلعنا إلى المكان في القصص نجد مكانًا واحدًا متمثلًا في محافظة ظفار بمناطقها المختلفة وخاصة صلالة وكوريا موريا.
وقال “شوشان”: أما في عتبة الإهداء فنجد دلائل كثيرة على أنّ مادة القصص التخييلي ليست إلا التاريخ فنجد كلمات تتواتر فيه من قبيل “الذكريات – الهاربون بحرًا – العائدون برًا – البطران – حجفوف…” فلئن اعترف الكاتب أنّ قصصه ليست إلا ذاكرة قد نُبشت فخرجت في شكل أدبيّ مغر على القراءة من خلال لفظ ذكريات، فإنّ بقية الألفاظ تحيل على شخصيات داخل النصّ وما حضورها في الإهداء إلاّ إقرار بتاريخيها.
وتطرق شوشان في سياق حديثه إلى الزمن بين التاريخ والتخييل: استغل السرد القصصي الزمن التاريخي في نسج العمل السردي وهو أواخر الستينيات في جلّ سوالف البطران ففي نصّ الرعاة الصغار تحديد زمني منذ السطر الأول “في صباح أحد أيام أواخر الستينيات من القرن الماضي” (البطران: ص٧) وفي نص “الهاربون والعائدون” يقول السارد: “في الغد، هلّ أبرك يوم من أيّام ٢٣.
وأشار محمد نعيم شوشان إلى الحدث التاريخي قائلًا: إن الحدث في جميع نصوص البطران تاريخي اجتماعي، حيث تلتقط النصوص بشكل واع تفاصيل الحياة الظفارية في الستينات، وهي فترة صعبة في تاريخ المنطقة فقد عاش أهلها “وقتًا عصيبًا وعويصًا” (البطران: ص ٩٨) ففي “ذلك الزّمن تمّ تسوير صلالة بأكملها بسياج حديديّ مزدوج على شكل هلال من طرف البحر إلى أقصاه؛ من الدهاريز شرقًا إلى عوقد غربًا. تحوّلت بذلك إلى سجن كبير.” (البطران: ص٩٩)، ومن رحم هذه المعاناة ولدت قصص خالد الشنفري، لتعبّر على الوضع السائد سياسيًا (الحصار)، واجتماعيًّا (الفقر والحاجة)، ويشتهر أهل المنطقة بالهروب لذا صوّرت لنا قصّة الهاربون والعائدون الهروب بحرًا، وقصّة الهروب الصعب حكاية هروب بخيت برًّا عبر تجاوز الصور.
فقصص “الشنفري” توغل في متناقضات ظفار، تتمسّك بالهويّة العمانية، تسجل أدقّ تفاصيل الحياة فيها: حياة الرعاة، القاعدة البريطانية، السور، تجمعات الأهالي، علاقة أهل ظفار بالوسائل النقل، اللهجة وتأثّرها بالألفاظ الدخيلة، الحياة في الجزيرة.. ولكنّه هرب من التسجيل التاريخي التقريري إلى التسجيل الإبداعي إلا في نصّ كوريا موريا.
وقد تخللت الجلسة نقاشات عدة من قبل الحضور مع الضيفين ومع مؤلف الكتاب، حول محتويات الكتاب مشددين على أهمية الكتاب في تناوله لفترة تاريخية مهمة في تاريخ ظفار بشكل عام ومدينة صلالة بشكل خاص.
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/جلسة-قرائية-تستعرض-كتاب-البطران-لخالد-الشنفري-في-مجمع-السلطان-قابوس-بصلالة