موسى البراشدي يستعرض الدور السياسي والإداري والعسكري والعلمي للشيخ عـبدالله الخراسيني

سلّط الدكتور موسى بن سالم البراشدي الأستاذ المساعد بكلية التربية والآداب بجامعة صحار الضوء على الدور السياسي والإداري والعسكري والعلمي للشيخ عـبدالله بـن محـمد بـن غـسان الخـراسـيني، وذلك في المحاضرة التي أقيمت في النادي الثقافي وأقيمت بالتعاون مع كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، حيث قرأ «البراشدي» تفاصيل من حياة الشيخ «الخراسيني» في محاضرة استنبطت نمط الإدارة السائد آنذاك، وهدفت توضيح إسهام الشيخ الخراسيني العلمي في تلك الفترة من خلال محاور عدة انطلقت بالتعريف بالشيخ عبدالله بن محمد بن غسان الخراسيني مرورا بأدواره السياسية والعسكرية والعلمية.

المحاضرة التي أدارها الباحث في التاريخ سيف بن عدي المسكري عرّفت في البداية بالشيخ «الخراسيني» الذي يعود نسبة إلى محلة خراسين بنزوى التي نشأ وترعرع بها وفيها تلقى علومه على يد والده الشيخ الفقيه محمد بن غسان، كما أخذ العلم عن شيوخ عصره من أمثال الشيخ الفقيه محمد بن عمر بن أحمد بن مداد الناعبي العقري النزوي، وعاش في القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي وشهد قيام دولة اليعاربة وكانت له إسهاماته السياسية والإدارية والعسكرية فضلا عن إسهاماته العلمية.

وعقب ذلك تحدث الباحث الدكتور موسى بن سالم البراشدي عن «الدور السياسي للشيخ الخراسيني» حيث عاصر «الخراسيني» فترة الضعف التي مرت بها عمان قبيل قيام دولة اليعاربة التي تمثلت في انقسامات الداخل العماني إضافة إلى وقوع السواحل العمانية تحت السيطرة البرتغالية، وعندما بدأ الشيخ خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي مشروعه الوحدوي مستثمرا الأوضاع التي كانت تمر بها مملكة الرستاق آنذاك، فبدأ بتوجيه رسائله بشكل سري للغاية إلى علماء عصره لحثهم على القيام بواجبهم في إنقاذ الوطن مما ألم به، مقترحا عليهم المسارعة في استثمار الوضع القائم لإحياء الإمامة وطالبا منهم الاجتماع في قرية قصرى بالرستاق، فلبَّى عدد من العلماء ذلك النداء وتوافدوا إلى قصرى بالرستاق للاجتماع والتشاور مع الشيخ الشقصي، وكان من بين هؤلاء العلماء الشيخ عبدالله بن محمد بن غسان الخراسيني، فقدَّم الشيخ الشقصي مرشحه للإمامة وهو ناصر بن مرشد بن مالك بن أبي العرب اليعربي فوافق المجتمعون على ذلك، ولمَّا أخبروه بذلك وافق بعد عذر طويل.

كما عرّج «البراشدي» إلى الدور العسكري للشيخ الخراسيني فبعد إعلان بيعة الإمام ناصر بن مرشد وقيام دولة اليعاربة عام (1034هـ/1624م) أسهم المبايعون في تحقيق الأهداف التي تطلعوا إلى تحقيقها من وراء تلك البيعة فكانوا السند لإمامهم فقادوا الجيوش لتوحيد عمان وتحقيق الأمن والاستقرار كما أسهموا في تحريرها من قوى الاستعمار، وعندما كان الشيخ عبدالله بن محمد الخراسيني أحد أولئك العلماء فقد قدَّم دورا واضحا في القيادة العسكرية.

وتحدث المحاضر عن مواجهة خطر الجبور آنذاك، والدور الإداري للشيخ الخراسيني الذي وصفه الباحث حيث قدم دورا إداريا واضحا وملموسا في إدارة الدولة زمن الإمام ناصر بن مرشد اليعربي، حيث تولى الولاية على عدد من الولايات أبرزها بهلا وسمد الشأن، كما تولى وظيفة الوالي الأكبر في نزوى، وهي وظيفة ترتبط بالمدن الكبرى مثل نزوى وإبراء وصحار ومسقط والصير، وتعكس في الوقت ذاته التطور الإداري الذي شهدته عمان في تلك الفترة ابتداء من زمن الإمام ناصر بن مرشد اليعربي الذي عيّن عددا من العلماء في وظيفة الوالي الأكبر أشهرهم الشيخ العالم عبدالله بن محمد بن غسان الخراسيني الذي عينه واليا أكبر على نزوى، والشيخ بلعرب بن أحمد بن مانع الإسماعيلي على إبراء وصور، والشيخ عامر بن محمد بن مسعود المعمري السعالي النزوي وغيرهم، ونظرا لما يمثله هذا المنصب الإداري من أهمية فقد تمتع صاحبه بصلاحيات عدة تميزه عن غيره من الولاة ومن أبرزها اتخاذ القرارات العسكرية وتوجيه الجيوش، كما هو الحال عندما وجه الوالي الأكبر الشيخ عبدالله بن محمد بن غسان الجيوش لفتح الجو، وكذلك دوره في فتح حصن لوى واسترداده من سيف بن محمد بن جفير الهلالي حيث أرسل إلى الحصن جيشا بقيادة الشيخ محمد بن علي الحراصي فتمكن من الانتصار، إضافة إلى تعيين الولاة، والإشراف على بيت المال، وكان للشيخ «الخراسيني» أثر في المصادقة على وثائق الأفلاج بحكم وظيفته الإدارية.

وتحدث الباحث الدكتور موسى البراشدي عن الدور الذي تمثل في اهتمامه بالجوانب العلمية المتمثلة في نسخ الكتب والتأليف، والمثال على ذلك المخطوطات التي تُشير إلى ذلك الدور حيث نسخ لنفسه الجزء الثامن من كتاب «بيان الشرع» في حصن بهلا عندما كان واليا عليها عام 1041هـ، كما نسخ لنفسه الجزء الثالث عشر من كتاب «بيان الشرع» في حصن خزام بسمد الشأن أثناء ولايته عليها عام 1045هـ.

إضافة إلى دوره في مجال التأليف حيث ألفَّ كتاب «خزانة الأخيار في بيوعات الخيار» الذي يتكون من جزأين، يسمى الجزء الأول «خزانة الأخيار في بيع الخيار وما يجوز منه وما لا يجوز والأحكام في ذلك»، ويتألف من حوالي أربعين بابا في بيع الخيار والشفعة والزكاة والصدقات..الخ.

أما الجزء الثاني من الكتاب فيحمل عنوان «خزانة الأخيار في رفع الخيار وأحكام الثمار وغير ذلك»، والجزءان يقعان في مخطوط واحد أطلق عليه «خزانة الأخيار في بيوعات الخيار».

وقد ألَّف هذا الكتاب أثناء تقلده لمنصب الولاية حيث أشار إلى ذلك الشيخ خميس بن سعيد الشقصي الذي وضع مقدمة للكتاب أثنى فيها على الكتاب ومؤلفه وتتجلى أهمية الكتاب من الناحية التاريخية في نقله لبعض الأحداث التي تعكس الأوضاع السائدة في بعض الفترات التاريخية كفترة الإمام محمد بن إسماعيل(ت:942هـ) عندما كثر التعامل بالربا والفساد والحيل وهو ما جعل الإمام يجتمع بعلماء نزوى في تلك الفترة كالشيخ مداد بن عبدالله بن مداد،والشيخ الفقيه عبدالله بن محمد بن سليمان بن عمر، والقاضي أبو غسان ورد بن أبي غسان البهلوي وغيرهم، فخرج هؤلاء العلماء والإمام على أن غلة بيع الخيار حرام، وحكموا بفساد بيع الخيار فأصدر الإمام بذلك حكمه مؤرخا بتاريخ 24من جمادى الأولى سنة 928هـ. وفي هذا الكتاب ينقل المؤلف الكثير من المسائل من كتاب «جامع ابن جعفر»، كما ينقل عن بعض العلماء كالشيخ محمد بن سعيد بن عبد السلام، والشيخ محمد بن عمر بن أحمد بن مداد، ويأتي ببعض أشعار الشيخ عبدالله بن مبارك الربخي، هذا بالإضافة إلى أنه يورد أسماء لبعض الشخصيات غير المشهورة.
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/موسى-البراشدي-يستعرض-الدور-السياسي-والإداري-والعسكري-والعلمي-للشيخ-عبدالله-الخراسيني