كتبت: خلود الفزارية
تصوير: خلفان الرزيقي –
استضاف النادي الثقافي مساء أمس الدكتور حسن مدن الذي قدم محاضرة حملت عنوان “كتاب عمانيون في صحافة البحرين بمنتصف القرن العشرين”، في أمسية ثقافية أدارتها الدكتورة منى السليمية.
وأوضح الدكتور حسن مدن أن دراسته سلطت الضوء على دور الكتاب العمانيين في مجلة صوت البحرين بالتحديد، التي صدرت في عام 1951، واستمرت في الصدور لمدة أربع سنوات، وكان للكتاب العمانيين مساهمات غزيرة في هذه الأعداد المختلفة.
وتؤكد هذه المساهمات حجم الأواصر الثقافية التي تجمع بين سلطنة عمان والبحرين، وتبرز مساهمات مرموقة ومهمة لكتاب عمانيين في وقت مبكر، من سبعين عاما خلت.
ويضيف أن مجلة صوت البحرين هي مجلة شهرية، منوها أن بدايات صدور الصحافة في شبه الجزيرة بدأت في الحجاز في بدايات القرن العشرين، حيث صدرت صحيفة “حجاز” وكانت تصدر باللغتين العربية والتركية، بالنظر لأن الحجاز كانت تحت سيطرة الدولة العثمانية آنذاك، وتليتها بعد ذلك صحف مختلفة.
وعودة إلى مجلة البحرين فقد كان صدورها بعد الحرب العالمية الثانية، وتناولت قضايا تبنتها الشعوب على إثر تبعات الحرب العالمية الثانية، عبر الكتاب البحرينيين وغير البحرينيين.
وتناول مدن الحديث عن أربعة كتاب عمانيين، أولهم: عبدالله الطائي وهو الأغزر مشاركة في المجلة، وكانت له ميزة أنه المقيم الوحيد فيما بينهم بالبحرين في تلك الفترة، والبقية كانوا يقيمون في كراتشي، وهم: أحمد الجمالي، ومحمد أمين البستكي، وحسين حيدر درويش.
مرجحا أن يكون عبدالله الطائي هو من فتح باب الدخول لبقية الأدباء إلى الصحافة البحرينية، نظرا لوجوده سابقا في كراتشي.
ويبين مدن أن الطائي كان يحرر عمودا ثابتا تحت عنوان: “أدباء من الجزيرة”، ويقصد به أدباء شبه الجزيرة العربية، وهذا نستشفه من خريطة الكتاب والأدباء التي تتناول تجاربهم الشعرية في مقاله هذا.
ويقدم التجارب الشعرية لهؤلاء الشعراء، ويعرض نماذجا من أشعارهم، كما يبدي ملاحظاته النقدية على مساهماتهم الشعرية، ونلاحظ أنه يضع وصفا لكل شاعر، وقد يضع لكل شاعر حلقتين.
وتناول الطائي اثنا عشر شاعرا من مختلف بلدان المنطقة وهم: الشاعر اليماني محمد محمود الزبيري، والشاعر الشيخ صقر بن سلطان القاسمي، وشاعر الجيل في عمان هلال بن بدر البوسعيدي، وشاعر المنبر في القطيف عبدالرسول الجشي، وشاعر الدولة في المكلا عبدالله أحمد الناخبي، والشاعر أحمد محمد زين السقاف من الكويت، والشاعر علي محمد لقمان من عدن، والشاعر عبدالله زكريا الأنصاري، وشاعر دبي أحمد بن سلطان بن سعيد، بالإضافة إلى الشاعر خالد الفرج، والشاعر عبدالله بالخير من السعودية.
ويوضح الدكتور حسن مدن أن الطائي في نقده لشعر الشيخ صقر القاسمي أشار: “ليسمح لي الشيخ صقر أن أخاطب الشاعر، فأقول أن شعره خصب الأفق، حي النغم، حسن النظرة، إلا أنه لا يخلو من أخطاء لغوية، كما يعوز بعض قصائده التسلسل وتنسيق المعاني، ولو قرن الذوق الفني والمعرفة اللغوية بهذه الخواطر المتوافلة، والنظرات النافذة لجاء شعره في صفاء الغدير، وتماسك الذرات، وإشعاع النور”.
ومن ملاحظته للشاعر هلال بن بدر البوسعيدي أنه يأخذ عليه أنه لم يكن يهتم بحفظ نصوص قصائده: “تعود الشاعر أن يخلي باله من القصيدة بعد الفراغ من نظمها، فإذا كتب لها الخلود، عرف عنها أصدقاؤه فطلبوها منه، لتنتشر بعد ذلك، وإلا فنصيبها التلف”.
وعن الشاعر عبدالرسول الجشي فقد توقف أمام أبيات لهذا الشاعر تنبذ الطائفية، يقف عند مجموعة أبيات منها مثلا:
هذي بلادي قد أضاعت رشدها وتفرقت بعد الوئام مذاهبا
نفضت جناحيها ولو تركتهما لرأت لها بين النجوم مساربا
يا من يجد يمينه بشماله هلا تثوب من الرواية دائما
ومساهمات عبدالله الطائي لم تقتصر على هذا الباب، وإنما كانت لديه مساهمات، فكتب حلقتين في عددين متتاليين عن التعريف بزنجبار، وما يمثله العرب فيها وأهميتها بتفصيل كبير.
وانتقل بعدها مدن إلى الحديث عن الكاتب حسين حيدر درويش، مبينا أنه يجري الحديث عن الخماسي العماني في الهند، ويقصد بهم على التوالي: جواد جعفر الخابوري، وعبدالله الطائي، ومحمد أمين البستكي، وحسين حيدر درويش، وأحمد الجمالي.
ولحسين حيدر درويش مساهمات كثيرة في مجلة صوت البحرين تركز معظمها في أدب الرحلات، إضافة إلى مادتين بعنوان “اتحاد إمارات الخليج العربي”، وكتب هذا الموضوع في الخمسينيات، وهو يحث فيها على أن تتوحد إمارات الخليج العربي في دولة واحدة، أما الموضوع الآخر الذي تحدث عنه فهو نفط الخليج وهي قضايا ما تزال تمس الدول، إلا أن مساهماته الأبرز كانت في الحلقات التي كتبها عن رحلته في أوروبا، حيث ذهب بالباخرة ثم القطار، وجال كل الدول الأوروبية، بدءا من جبل طارق، ثم بريطانيا، التي شرح فيها موقفهم من شكسبير -ويبدو الحس الأدبي في كتابته-، وبعدها توجه لهولندا، ثم ألمانيا، التي تناول فيها عن الحياة بعد الحرب العالمية الثانية، فالدنمارك، فالسويد، وفرنسا، وكانت المحطة الأخيرة في سويسرا.
أما الجزء الأخير من مساهمات الكتاب العمانيين، فهو الحوارات الفكرية، بمشاركة الشاعر عبدالله الطائي الذ سجل آراءه ضمن الآراء المتباينة في قضايا مهمة، كما أن الخطاب السائد في مجلة صوت البحرين كان الداعي إلى التجديد الإسلامي، والوعي القومي العروبي، واللافت أن الكاتبين العمانيين أحمد الجمالي، ومحمد أمين البستكي، هما من أدخلا مفردات لم تكن دارجة في السجال الذي يدور في المجلة.
ويرجح مدن أن ذلك يعود لوجودهم في كراتشي واطلاعهم على المجلات العالمية، ومعرفتنهم باللغة الإنجليزية كل ذلك أثر في تكوين الوعي اليساري أو الاشتراكي في تفكيرهم الداعي إلى نهضة العرب وتقدمهم واعتدادهم بعروبتهم، وهو خطاب لم يكن موجودا في المراحل السابقة وخاصة الحس القومي، والنهضة الإسلامية، والتمسك بالتراث، ثم أتى النزوع القومي والعروبي.
مستشهدا بعنواين لبعض المقالات التي ساهم فيها هذان الكاتبان وهي: “عناصر الوعي العربي في الثقافة الإسلامية”، و”الوطنية المحبة أساس في النهضة العربية”، و”مقومات الحضارة العربية..في مجال القومية العربية”، وكتاب آخرون تأثروا منهم أمثال إبراهيم العريض الذي كتب “روح العروبة”.
وكتب أحمد الجمالي مقال بعنوان “هل أدبنا العربي أدب تقدمي؟”، كما كتب عن “معالم اليقظة الشعبية لدى الجماهير العربية”، و”ثورة الزنج وأثرها على المجتمع”، و”الصراع المذهبي بين الرأسمالية والاشتراكية”، و”الاقتصاد بين التوجيه والإطلاق”، في حين عرف عن محمد أمين البستكي ترجماته للنصوص والموضوعات الفكرية والأدبية المختلفة، ونشره لهذه الترجمات.
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/النادي-الثقافي-يستعيد-أصداء-4-أقلام-عمانية-في-صحافة-البحرين