الموسيقى العمانية التقليدية .. 4 مراحل وثقها المركز ميدانيا وتسجيل 200 فن شعبي

■ ■ مسقط ـ العمانية: أشاد عدد من المختصين في مجال التراث العُماني غير المادي بجهود السلطنة في تسجيل عدد من الفنون الموسيقية العُمانية في سجل التراث العالمي بالمنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) والتي تكفلت بحفظ وتصنيف بعض التراث الفني غير المادي بالسلطنة؛ ليصبح جزءًا من التراث العالمي. ■ ■

وفي سياق التراث العُماني غير المادي قال ناصر الناعبي من مركز عُمان للموسيقى التقليدية: إن تاريخ الجمع والتوثيق الميداني للموسيقى التقليدية العُمانية مر بأربع مراحل رئيسة، وهي: مرحلة الجولة الاستطلاعية والتي استغرقت قرابة 95 يومًا (من 21 أغسطس حتى 24 نوفمبر من العام 1983م). وتُعد المرحلة الثانية هي مرحلة الجمع النوعي الشامل وكانت (ما بين 7 فبراير إلى 21 ديسمبر من العام 1984م)، حيث شملت معظم محافظات سلطنة عُمان. وتتكون المرحلة الثالثة من عدّة مراحل استكمالية بدأت في عام 2005م ولازالت مستمرة إلى يومنا هذا، وركزت في الفترات الأخيرة على المناطق الحدودية، وعلى دراسة المتغيرات التي طرأت على بعض الأنماط الموسيقية التقليدية، وكانت آخر رحلة جمع في عام 2018م والتي شملت كلًّا من ولايتي مقشن وثمريت في محافظة ظفار بجنوب سلطنة عُمان. أما المرحلة الرابعة فكانت في الفترة (من 1990 ـ 1994م) حيث كُلِّفَ مركز عُمان للموسيقى التقليدية بعمل حصر وتوثيق للحِرَفِ والصناعات العُمانية على مستوى جميع محافظات السلطنة.

وأضاف الناعبي بأن رقمنة وثائق مركز عُمان للموسيقى التقليدية بدأت في يناير 2017م. حيث إن عمليات الرقمنة للوثائق المحفوظة وبياناتها كانت تتم كلها في وقتٍ واحد بالتزامن، ففي الوقت الذي كان يتم فيه نسخ أشرطة الفيديو من نوع ديجيتال بيتاكام وبيتاكام SP؛ كانت أشرطة الصوت مثل الكاسيت أو المايكرو كاسيت هي الأخرى يتم نسخها ونقلها إلى الخادم لحفظها وتخزين بياناتها، وكان العمل أيضًا في نسخ شرائح الصور الملونة يجري بالتزامن مع نسخ الفيديو والصوت.

وحول إنجازات المركز التي تم تحقيقها في عملية رقمنة الوثائق بحسب إحصاءات مركز عُمان للموسيقى التقليدية، فقد بلغ عدد الوثائق والمواد المحفوظة بأرشيف مركز عُمان للموسيقى التقليدية نحو أكثر من 50 ألف وثيقة متنوعة ما بين سمعية وسمعية مرئية وعدد من الصور، منها 31559 وثيقة تمت رقمنتها حتى شهر ديسمبر2021م وهو ما يمثل نسبة 27.5% من إجمالي الوثائق المحفوظة بالأرشيف.

وأشار الناعبي إلى أن المركز يحتوي على مكتبة تضم في جنباتها نحو 1059 كتابًا في الموسيقى والعلوم الموسيقية والمعارف والموضوعات العامة الأخرى منها 22 مادة من إصدار وإنتاج المركز تتنوع بين كتب وبحوث ومواد سمعية تتمثل في الأقراص المدمجة CD وأشرطة الكاسيت وأخرى سمعية ومرئية تتضمن أشرطة الفيديو على نوعين DVD و VHS، كما أسس المركز مجلته الإلكترونية الرقمية تحت اسم (المجلة الموسيقية الإلكترونية العُمانية)، وهي مجلة فصلية صدر العدد الأول منها في نوفمبر 2019م. كما أنتج المركز ما لا يقل عن 25 عملًا فنيًّا وتلفزيونيًّا، شملت 6 أفلام وثائقية وبرنامجًا تلفزيونيًّا من 15 حلقة وفيلمين قصيرين، كما أنتج المركز 5 طوابع بريدية ذات سمات رقمية مميزة.

واهتمت سلطنة عُمان بالموسيقى والفنون الشعبية خاصة أيما اهتمام حيث هيأت وأنشأت عددًا من الجهات التي تهتم بتلك الفنون، وأوضحت آيات بنت ناصر المطاعنية، مُدرِّسة بقسم الموسيقى والعلوم الموسيقية بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية، طالبة دكتوراه في جامعة برمنجهام البريطانية، أن الفن العُماني وجد الاهتمام والرعاية من المغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ ، حيث أمر بإنشاء مركز عُمان للموسيقى التقليدية عام 1984، والذي يُعنى بجمع الإرث الموسيقي التقليدي من كل الولايات والمحافظات وتوثيقه بنحو علمي، وكذلك إنشاء وتكوين الفرقة السُّلطانية الأولى للموسيقى التقليدية عام 1976، وجميعها كانت إجراءات وخطوات ميدانية وعملية بلورت اهتمام المغفور له بإذن الله بالموسيقى العُمانية التقليدية، وتطوير بعض أغانيها ومقطوعاتها باستخدام الآلات الحديثة، بالإضافة إلى إنشاء جمعية هواة العُود، كل هذا الاهتمام توج في نهاية المطاف بإنشاء دار الأوبرا السُّلطانية، ودار الفنون الموسيقية اللتين تمثلان علامة فارقة وواضحة لاهتمام الحكومة بالفنون التقليدية وتطويرها والارتقاء بها وإبرازها للعالم.

وذكر راشد الهاشمي من وزارة الثقافة والرياضة والشباب، أن الوزارة دأبت على الاهتمام بتوثيق ونشر الفنون التقليدية والمحافظة عليها والتشجيع على استمرارية ممارستها وإبراز مقوماتها الحضارية والفنية والإبداعية، حيث أنشأت الدوائر والأقسام الإدارية التي أسند إليها العمل لتعزيز الاهتمام بالفنون التقليدية ونشرها والمحافظة عليها، ومن أبرز أدوارها: سنّ القوانين والنظم، وإقامة الفعاليات والمهرجانات ذات الصلة، وتسجيل الفنون الشعبية في قائمة التراث العالمي، وإصدار عدد من الكتب التي توثق بعض الفنون الشعبية والقيام بتطوير وإصدار إصدارات سمعية بشكل سنوي، ومشروع جمع الفنون الشعبية والذي نتج عنه جمع وتسجيل ما يقرب من (200) فن شعبي، بالإضافة إلى دعم الفرق والفنانين الشعبيين لتمثيل السلطنة في الفعاليات والمهرجانات الإقليمية والدولية والمحلية وتقديم الدعم اللازم لهم سواء المادي أو المعنوي لإنجاز تلك المشاركات.

ووفق آخر الإحصاءات المتوفرة لعدد الفرق والفنانين الشعبيين المسجلين لدى الوزارة، بلغ عدد الفرق المسجلة لدى الوزارة حتى عام 2021م (313) فرقة شعبية متوزعة في كافة محافظات السلطنة، كما بلغ عدد الفنانين الشعبيين المسجلين لدى الوزارة كأعضاء منتسبين للفرق الشعبية (9623) فنانًا شعبيًّا حيث جاء عدد الرجال: 9205 وعدد النساء 418.

كما قال يونس النعماني من اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم، بأنه تم تسجيل 11 عنصرًا في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي على مستوى التراث الثقافي غير المادي وهي فن البرعة في 2010، وفن العازي وفن التغرود في 2012، وفن العيالة في 2014، والرزفة، والقهوة العربية، والفضاءات الثقافية للمجالس في 2015، وعرضة الخيل والإبل في 2018، والنخلة المعرفة والمهارات والعادات والتقاليد في 2019، وسباقات الهجن، والعادات الاجتماعية والتراث الاحتفالي المرتبط بها في 2020، والخط العربي، والمعارف والمهارات والممارسات في 2021م.