تغطية: خلود الفزارية تصوير: شمسة الحارثية
الجلسات الأدبية المتنوعة وحلقات العمل الفنية وتدشين الإصدارات.. أبرز الفعاليات
جلسة لـ«الثقافة والرياضة والشباب» تناقش مفهوم التعددية الثقافية في عمان والانفتاح على الآخر
ديوان البلاط السلطاني يدشن كتاب «ظفار من الجبال الموسمية إلى السواحل الرملية»
أمسية أدبية تستعرض علاقة الجوائز الأدبية بالأدب والثقافة والكتابة
شهد معرض مسقط الدولي للكتاب في يومه الأول فعاليات متنوعة، و عرف يومه الأول إقبالا متوسطا من الجمهور ضمن الطاقة الاستيعابية المخصصة للمعرض في ظل جائحة كورونا، وحضر عدد من المهتمين بالمحاضرات والندوات وحلقات العمل المصاحبة.
وضمن مشاركة وزارة الثقافة والرياضة والشباب في المعرض أقيمت مساء أمس الأول بقاعة أحمد بن ماجد جلسة حوارية ناقشت التعددية الثقافية في عمان والانفتاح على الآخر.
واستضافت الجلسة الدكتور سيف المعمري، والدكتور زكريا المحرمي وأدار الجلسة محمد الهنائي.
وفي بداية الجلسة تطرق الهنائي إلى محاور الجلسة التي اشتملت على مفهوم التعددية الثقافية، والإشكاليات والجدل حول التعددية، والحديث بشكل خاص عن التعددية الثقافية في المجتمع العماني.
وأوضح الدكتور زكريا المحرمي أن مفهوم التعدد الثقافي تدور حوله العديد من الإشكاليات، فمفهوم التعددية الثقافية يعود للصياغة الكندية، في حين أن الأمريكيين يزعمون أنهم من صنعوا التعددية، فكل ثقافة وكل شريعة تعيش منعزلة عن الأخرى، ولا تختلط بأي ثقافة أخرى بالرغم من احتمالية وجودها في نفس المنطقة.
ويوضح المحرمي أن التسامح الثقافي له أهمية في التغلب على النزاعات التي تنتجها الاختلافات، وهو جزء من أجزاء عملية التفاعل بين العناصر المختلفة، فالانسجام بين الهويات الخاصة المتعددة في المجتمع هو أحد الركائز المهمة للمجتمعات القوية والتي تقوم السلطة بتنظيمها، والتسامح عملية ضرورية لإنجاح التعددية الثقافية.
مضيفا أن التعددية الثقافية موجودة في بريطانيا وأمريكا ولكن بدون التسامح، والتداخل فيما بينهم لا يكون بالحكمة والموعظة الحسنة، وما نحتاجه كمجتمعات عربية هو الانسجام، لذلك فالحياة لدينا تسر كل من يعيش فيها لأنه يشعر بالأمن والطمأنينة والسكينة.
ويستفهم المحرمي عن الهوية، وهل تعني شكلك أم لغتك أم دينك أم الجنسية أو الثقافة، وهل يمكن أن تكون لك أكثر من هوية، وهل يمكن اعتبار الهوية رياضية أو غنائية، أم هل أنت عربي وتقرأ الإنجليزية؟
مبينا أن الهوية جامعة، لا يجادل فيها شخصان ولكن يحكمها القانون والدستور، فضلا عن وجود هويات خاصة، كالتعامل مع بعض المحافظات المختلفة، بتقبل الاختلاف.
ويوضح المحرمي أن التعددية الدينية في سلطنة عمان ليست حديثة العهد وإنما كانت موجودة منذ القرن الثالث الهجري وما تزال موجودة، ويضرب مثلا على ذلك في جونو، فقد كان مثالا للتعددية والانسجام وتآزر المجتمع جميعا، منوها أننا في سلطنة عمان بعد غروب الشمس لا نشعر بالخوف وإنما نحن مطمئنون وهذا ما يحدث عندما تكون السلطة موجودة في قلب كل مواطن، كما استشهد بمقولات لبعض المستشرقين عن المجتمع العماني أثناء زياراتهم لسلطنة عمان، وفي المقابل صرحت المستشارة ميركل في ألمانيا عام 2010 واعترفت بأن المجتمع الألماني فشل في التعددية الثقافية.
وتعدد اللهجات دليل على الهوية العمانية المتنوعة، ولا خوف من تعدد الهويات الخاصة، ما دام هناك هوية رئيسية وتحكمها ثلاثة أشياء وهي الدستور والقانون والسلوك العام.
ويشير المحرمي أنه لا توجد دراسة رسمية للتعددية الدينية في سلطنة عمان، إلا أن المصادر الخارجية تقول إن المجتمع العماني ينقسم إلى 75 بالمائة إباضية، و22 بالمائة من السنّة، و2 بالمائة من الشيعة، و1 بالمائة من أديان أخرى، مشيرا إلى أن آخر تواجد لليهودية في عمان كان في زمن الإمام عزان بن قيس حسب كتب التاريخ في عمان، وأن التعددية الدينية في سلطنة عمان ضاربة منذ القدم، والعماني يقبل بالآخر.
من جانبه أوضح الدكتور سيف المعمري أن العالم يشهد تقلبات وتوترات في موضوع التعددية، وأصبح مصطلح التعددية أداة للإقصاء والفرز والصراعات، متطرقا إلى نماذج عايشها في المجتمع البريطاني للتعددية الثقافية، فبرغم وجود الكثير من الجاليات المختلفة وتعايشها إلا أن ذلك لم يمنع تمايزها واحتفاظها بهوياتها الخاصة.
ويضيف: عايشت المجتمع البريطاني، والقضايا التي نسمع بها من المدرسة التي يدرس أبنائي بها، فالتجمعات تكون بحسب الديانة والعرقية هي مرتبطة بمفاهيم معينة، وكوني مسلما فتعني أنني مختلف في نظرهم، كما أن المترشحين للانتخابات على سبيل المثال يكون لكل جالية مقرا للانتخابات، وكل مكون ثقافي مرتكز على أساس ديني يكون متحدا، والمسألة لا تمضي مثلما يتصور الساسة، مستذكرا ما كان يحدث في مدينة برمنجهام في الثمانينيات، حيث كانت هناك صراعات، وكل المكونات تتنافس فيما بينها، وكانت هناك أسبوعيا مسيرات ومظاهرات تنادي بالاستقلال بين اسكتلندا والمملكة المتحدة.
ويبين المعمري أن السلطة كلمة مفتاحية في موضوع التعددية إلا أن الأهم منها هو المواطنة المتساوية والتي من خلالها يمكن ضمان حقوق الأقليات ومنحها الأمان بعدم انتزاع أي من حقوقها وضرب مثالًا على ذلك ما حدث في ألمانيا من تعاملها مع المهاجرين، فلم يمنحوا المواطنة للأتراك، وفي إحصائية تشير أن ما يقارب 40 بالمائة من الألمان يعتقدون أن المهاجرين المسلمين يشكلون خطرا على هويتهم، فالمواطنة أساس مهم، وعدم الاندماج مع المجتمع يشكل عقبات، لذلك وجب مد الجسور والتعاون مع الآخر.
مؤكدا على أهمية التعليم ودوره في التأسيس لاندماج الثقافات المتنوعة، والتغلب على المشكلات التي قد تنتج عن الصراعات التي يمكن أن يسببها هذا الاختلاف، ويمكن تصنيف التعددية الثقافية استنادًا لرؤى تاريخية أو دينية أو غيرها، والكثير من الحراك تقوم به الأقلية الدينية أو العرقية.
ويتابع المعمري أن الحديث عن تفاعلات المجتمع العماني ومكوناته من منظور تاريخي يوضح ما كان للسلطنة من تاريخ تعددي في الاقتصاد والحركة الاقتصادية مع الفرس وغيرهم، والثقافة في ظفار واللغات واللهجات الموجودة فيها. ويشير المعمري إلى أن التعليم يحاول أن يركز على الهوية الجامعة ويبتعد عن التعدد الثقافي، وإذا أخذنا دراسة على الربيع العربي وتأثير السلطة على تغيير المناهج، ففي مصر تغيرت المناهج بتغير السلطة وكذلك الوضع في العراق، وكانت إحدى المبادرات في سلطنة عمان أن قام مدرس في المدرسة البريطانية اسمه مارك وقدم مبادرة تم الاعتراف بها وتتمحور حول تنوع التعدد الثقافي، وفكرتها أن يحضر شباب من مجموعة دول ويقيموا في مكان ما ويحاولوا أن يعدلوا الصور المغلوطة عن دولهم.
ويوضح أن كل دولة تحاول أن تعزز هويتها الوطنية، وفي مناهج دول الخليج نجد ذلك أيضا، وبالرغم من تفرد التعددية الثقافية العمانية إلا أنها تشترك في نواحٍ عديدة مع المجتمع الخليجي. مقترحا أن تكون هناك مواد اختيارية لتدريس اللغات واللهجات الموجودة في السلطنة، خوفا من الاندثار لكونها إحدى مكونات المجتمع وثقافته.
حلقات عمل
وشاركت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة مسقط في الفعاليات المصاحبة للمعرض، وقدم جناح مركز التوجيه والإرشاد الطلابي حلقة عمل عن «العزف الفردي» وتم تقديم نبذة عن الموسيقى الشرقية والمقامات الموسيقية، بإشراف فهد البلوشي وقامت الطالبتان مرام البلوشية وحور فهمي بعزف عدد من المقطوعات على النوتات الموسيقية الشرقية والمقامات الموسيقية المختلفة.
كما تم تقديم حلقة عمل بقاعة العوتبي حملت عنوان «علمني كيف أصنع حبرا»، ناقشت المخطوطات عامة والمخطوطات العمانية وكيفية المحافظة عليها من العوامل الطبيعية كالحرارة والرطوبة بدرجات معينة مع عدم تعرضها للإضاءات الباردة والحفاظ عليها في أماكن معتمة حتى تبقى لوقت أطول، قدمها خالد الخروصي الذي عرف ببعض أنواع الزخرفة على المخطوطات العمانية باعتبارها عنوانا لرسم المخطوطات وهي التي تعبر عن هوية المخطوطة.
وأوضح الخروصي أن سلطنة عمان منذ القدم كانت من الأمم التي تختص بالزخرفة وتميز مطبوعاتها ما يؤصل اهتمامها بالعلم والثقافة والمتون والكتابات، ويدل على تواصل عمان مع الحضارات الأخرى مما سهل عليها استيراد الأحبار والأوراق وصناعة الورق.
مبينا الأدوات التي كانت تستخدم في كتابة المخطوطات كالأحبار المتنوعة والمداد بأنواعه الحجري حيث كانت معظم المخطوطات العمانية مكتوبة به والمداد الحجري كان يستخرج من فلزات ومعادن من جبال الحجر حيث كان لكل مداد خصائص ومميزات.
وقدم الفنان التشكيلي عبدالكريم الميمني محاضرة عن «الصراعات العقلية في حضرة الأفكار التشكيلية المعاصرة» بقاعة الفراهيدي، تناول فيها الصراعات العقلية التي تتعلق بالفن التشكيلي الحديث، وما يتعرض له الفن من تنوع وتجديد، فضلا عن التعايش مع تطورات التقنية.
وطرح الميمني التسلسل الزمني في تاريخ الفن التشكيلي إلى الوقت المعاصر، متطرقا إلى أهم ما ألم به من تحديثات وتأثيرات.
تدشين الكتب
ودشن ديوان البلاط السلطاني كتاب «ظفار من الجبال الموسمية إلى السواحل الرملية» وهو من تأليف الدكتور آندرو سبلتون والدكتور هادي الحكماني، وكتاب «محمية رأس الشجر الطبيعية» من تأليف نوال الشرجية ومنيرة البلوشية ومها الأنصارية، برعاية سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة، كما تم توقيع عدد من الإصدارات الأدبية والثقافية.
أمسية أدبية
واستضاف صالون فاطمة العليان الأدبي في قاعة الفراهيدي أمسية أدبية حملت عنوان «الجوائز الأدبية وأثرها على الأدب والثقافة والكتابة» شارك فيها حسن المطروشي والكاتب هلال البادي والشاعرة بدرية البدري والقاصة إشراق النهدية للحديث عن الجوائز الأدبية ودورها في دعم الكاتب العماني، وأدارت الأمسية الكاتبة هدى حمد.
وتطرق الحديث إلى ما تمنحه الجوائز من قيمة معنوية ومادية، حيث أشار الشاعر حسن المطروشي إلى أن الجائزة تعني الكثير فهي تخلد الكاتب في الذاكرة وتقدمه للجمهور بشكل أوسع، وهي حاسمة في ظهور وانتشار الأديب، ولا يمكن للجائزة أن تصنع مبدعا، فلا بد أن يكتب الكاتب لنفسه أولا، ومن يجعل الجائزة هدفه الرئيسي فلن يقدم مشروعا أدبيا مميزا، وعن التحكيم يبين المطروشي أنه لا توجد مصداقية في التحكيم والجوائز على مستوى العالم العربي كما هي موجودة في سلطنة عمان، فالنصوص تشارك بأرقام ولجنة التحكيم لا تعرف صاحب النص.
وأوضح هلال البادي أن أهمية الجائزة للكاتب بقيمتها، فكلما ارتفعت قيمتها المادية كان أثرها أكبر على الكاتب، كما أن فوز الكاتب بالجائزة يشكل عبئا عليه أكبر لتقديم عمل أدبي أفضل في ظل تنافس الأعمال الأدبية، مشيرا إلى أن جائزة البوكر الدولية تشكلت إرضاء لثقافات مجزأة ولا يمكن العمل على فوز المنطقة أو الدولة وإنما فوز العمل الأدبي في الأساس، ولدينا في السلطنة مبادرات لدعم المبدعين وهي مستمرة والدعم موجود، وربما توقف بعضها بسبب الجائحة، وما يحتاجه العمل العماني هو الترويج.
في حين تعتقد الشاعرة بدرية البدري أن الجائزة مجرد أداة تساعد الكاتب على الظهور والانتشار، وفي سلطنة عمان فإن العمل الأدبي يفتقر للنشر والتسويق، كما أن الجوائز في الوقت الحالي غائبة، وينبغي لكل الأدباء العمانيين المشاركة في الجوائز المختلفة لنثبت أن الأدب العماني موجود.
وأشارت إشراق النهدية إلى أن الإعلام في سلطنة عمان لا يسلط الضوء على الفائزين العمانيين برغم أن الكاتب العماني أصبح يقتحم الجوائز العربية بشكل كبير، لذلك يجب التوقف عند هذه النقطة والتركيز على هذا الجانب.
وتطرقت الأمسية إلى الحديث عن دور الإعلام في إظهار الكتاب والأدباء خاصة بعد فوزهم بجائزة أدبية، وعن دور المؤسسات الحكومية والخاصة في الاحتفاء بالكتاب والأدباء والمثقفين، وأنسب الحلول -حسب ما رآه ضيوف الأمسية- التي تساهم في انتشار الأدب العماني خارج الحدود والاحتفاء به في الداخل.
فعاليات متنوعة
وأقيمت مساء أمس عدة فعاليات تنوعت بين عرض الأفلام وحلقات العمل والمحاضرات، وقدم جناح مركز التوجيه المهني والإرشاد الطلابي عروضا للأفلام الفائزة في مسابقة «أفضل عرض مرئي سياحي»، وأفضل عرض مرئي حول جائحة كورونا، كما أقيمت في قاعة العوتبي حلقة عمل «كيف تتطور الكتابة الإبداعية»، وحلقة فنية بقاعة ابن دريد حول أساسيات الخط العربي، وحلقة عمل حول الرسم بالسكين، وحلقة فنية عن الزخرفة الإسلامية، وحلقة حملت عنوان «علمني كيف أنشر كتابا إلكترونيا».
وفي قاعة الفراهيدي تم تقديم ندوة علمية حملت عنوان «مقاربات نقدية وسردية» قدمها كل من الدكتور محروس القللي، وفهد الحجري، وعلي الحارثي، وفوزية الفهدية، وعلي الهاشمي، وأدار الندوة الدكتور سالم العريمي، كما أقيمت ندوة فكرية عن البشرية بين مفترق الطرق في قراءة لرسالة سماحة الشيخ الخليلي «متى تتجلى مشكلة العالم البشري وإلى أين منتهاها» قدمها كل من الدكتور أحمد الخروصي، والشيخ عبدالله العيسري، وأدار الندوة الدكتور سالم العيسري، وندوة أدبية عن قضايا الفن والإعلان قدمها محمد الهنائي، ورحمة نجيب، والدكتورة عزة القصابية، والدكتورة آمنة الربيع، وأدار الندوة إشراق النهدية، كما أقيمت محاضرة عن مدينة صور وعلاقتها بالبحر من خلال الشلالات البحرية قدمتها الدكتورة سعيدة خاطر، وأدار المحاضرة عوض العلوي.
وتم عقد عدد من الجلسات الحوارية أولها جلسة حوارية عن خفايا السرد وشهادات إبداعية قدمها محمد الشحري، وجلنار زين، وأدار الجلسة خالد الشنفري، وجلسة حوارية حملت عنوان «من بين زوايا الفن يولد العباقرة» قدمتها الفنانة التشكيلية رابحة محمود وأدار الجلسة عذاري الشيباني، وجلسة حوارية حول تأثير الجائحة على المنتج الثقافي- دور النشر أنموذجا قدمها كل من رضا عوض، حمود الشكيلي، ومحمد الرحبي، وأدار الجلسة حسين نهابة.
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/معرض-مسقط-الدولي-للكتاب-يشهد-حضورا-متوسطا-ضمن-إجراءات-احترازية