كتبت – خلود الفزارية
شهدت قاعة الفراهيدي ندوة نظمتها محافظة جنوب الشرقية ضيف شرف المعرض حملت عنوان «مقارنات نقدية وسردية» استضافت كلا من الدكتور محروس محمود، وفهد بن مبارك الحجري، وعلي بن سالم الحارثي، وفوزية بنت علي الفهدية، وعلي بن سويلم الهاشمي، وأدار الندوة الدكتور سالم بن سعيد العريمي، حيث قدم الضيوف قراءات في عدد من الإصدارات لأدباء وكتاب من محافظة جنوب الشرقية.
من جانبه تحدث الدكتور محروس القللي عن معالم التجريب في رواية «خليفة الأرض» للكاتبة شميسة الراسبية، من خلال توزيع البناء العجائبي في الرواية، والمستوى الوظيفي الذي يتعلّق بالعجائبية والأدب، مرورًا بشروط تحقق العجائبية في الرواية بما في ذلك الشخصية، وتماهي القارئ مع الشخصية، وضرورة اختيار القارئ لطريقة خاصة يقرأ بها رواية «خليفة الأرض»، مبينا أهمية الرواية بالنظر إلى زمن تأليفها ونشرها في عام 2010، وطبيعتها الأدبية في العصر الحالي، موضحًا أنها رواية عجائبية تعد من قلائل الفن الروائي من حيث تتبع الأحداث، حيث تتقدم كثير من الروايات في طريقة الحبكة لتصل للنهاية بطريقة متفردة.
وفي ورقتها تطرقت فوزية الفهدية قراءة إلى رواية (سمحة) للكاتب خالد بن علي المخيني بعنوان «من نجمة البحر إلى نجمة السماء»، موضحة فلسفة حكايا التاريخ في جماليات الرواية وتجاذبات الأحداث نحو النهاية، مضيفة إن الرواية تأتي تخليدًا لغرق سفينة سمحة في مايو من عام 1959م، لتكون رواية تاريخية تروي لنا حكايا الماضي التي تصنع حاضرنا.
وأضافت: إن مثل هذه الروايات تبين للقارئ خط سير التاريخ وأن النهايات تعطي بدايات لحكايات أخرى، كما تعطينا وعيًا ذاتيًا لنكون أكثر وعيًا للمستقبل.
من جانبه قدم الكاتب علي الحارثي قراءة في كتاب الشيخ محمد بن حمد المسروري «العازي.. شعر وفن وقيم»، أشار فيها إلى أن الكاتب المسروري نذر جهده وإبداعه في ثمانينيات القرن الماضي في خدمة الشعر الشعبي والتراث الثقافي غير المادي، لا سيما ذلك المتصل بالعادات والتقاليد والفنون التقليدية شعرًا وإيقاعًا وأداء، حتى بدا أيقونة يشار إليها بالبنان وتوجه إليه بوصلة الباحثين الشباب ومنصات الإعلام عندما يكون موضوع البحث والنقاش متصلًا بالتراث الشعبي، فكان كتابه الأول الذي صدر عام 1988 غذاء الساري الذي جمع فيه المسروري قصائد أحد أهم رموز الشعر الشعبي العماني راشد بن سلوم المصلحي الملقب بـ«سويري» من أفواه الرواة، إنما يدل على شغفه العظيم واهتمامه منقطع النظير في تدوين التراث وتوثيقه وتحقيقه كما فعل في الطبعة الثانية عام 2015، وكما فعل في كتابه «الميدان مبنى ومعنى» عام 2002 وتجديده عام 2004، وتوالت إصداراته في الجمع والتحقيق بديوان الشعيبي الملقب بـ«المطوع» عام 2010، وديوان حافظ المسكري عام 2016 وغيرها من الإصدارات والدراسات البحثية والمقالات المتصلة بالشعر الشعبي.
ويضيف الحارثي: «المسروري» يجد أنه أولى اهتماما بالتجميع والتدوين والتحقيق في التراث الشعبي أكثر من اهتمامه بطباعة إنتاجه الأدبي الخاص، فبالرغم من كونه شاعرا غزير الإنتاج الكتابي حيث أصدر إلى الآن خمسة دواوين شعرية ورواية ومجموعة إصدارات بلغت إثني عشر إصدارًا إلا أن انصرافه إلى تدوين التراث الشعبي وتأصيل الفنون التقليدية كان أسبق وأهدف من اشتغاله على إبداعه الشعري الشخصي، وكل ذلك يدل على شغفه بموروث بلده سلطنة عمان.
وتناول علي الهاشمي في ورقته مفهوم الموروث الشعبي وعلاقته بالأدب كمدخل متخذا من مجموعة الشاعر سعيد الصقلاوي «ما تبقى من صحائف الوجد» كنموذج، مبينا أن المدخل عني بتجليات الموروث الشعبي، أما الكتاب فيحمل بين طياته ذاكرة الموروث الشعبي المرتبطة بمرحلة زمنية تعود إلى الماضي وعادة ما يرتبط بالماضي يحمل وشائج حب وأمكنة تهف إليها النفس، وقد تنبه الشعراء العرب لذلك فمادة التراث الشعبي ما يهتم بها الشاعر، متناولا الشاعر ومجموعته الشعرية وهو سعيد بن محمد الصقلاوي أما المجموعة الشعرية فصدرت عام 2020 وتشتمل على إثنين وأربعين نصا تنوعت فيها النصوص بين الطول والقصر، إلا أنها تتفق على ملامح التجديد للشاعر في اللغة والموسيقى وبناء النص.
أما تجليات الموروث الشعبي في المجموعة فتناول الشاعر السفن والقوارب وقد أثرت مدينة الشاعر صور التي تطل على البحر في حضور الفن والقوارب كان واضحا في المجموعة، وقد ذكر «السنبوك» و«الهوري»، وحين يستذكرهما الشاعر فإنه يتذكر العناء والشقاء والمخاطر المرتبطة بمهنة الصيد، أما الأغاني الشعبية التي أوردها الصقلاوي فهي جملة من الأغاني الشعبية يرتبط بعضها بالبحر، وبعضها عامة في مختلف محافظات سلطنة عمان، ومن ضمن الأغاني فن الرزحة وفن البرعة المعروف في محافظة ظفار.
كما تطرق كتابه للملبوسات التقليدية وكان من أبرزها الدشداشة الصورية المعروفة بالتطريزات الكثيرة وهي تخاط باليد، وتستخدم فيها الألوان في الرقبة والأكمام والظهر والمقدمة، كما أورد استخدام «الكمة» وهي من الملبوسات التقليدية المعروفة، و«المصر» والخنجر، بالإضافة إلى العادات والاحتفالات التقليدية التي أوردها الشاعر في مجموعته من ضمنها «الشعبانية» وغيرها.
وبيّن «الهاشمي» البواعث لتوظيف «الصقلاوي» للموروث وأشار إلى أن هناك جملة من العوامل لاستخدام وتوظيف التراث في الشعر منها عوامل فنية، وعوامل ثقافية، وعوامل سياسية واجتماعية ونفسية، ويتضح من معظم المتعلقات بالموروث الشعبي الذي أورثها الشاعر متعلق بالفرح والسعادة وهذا يجعلنا نجزم أن الجانب النفسي كان العامل الأبرز لهذا الاستدعاء والذي يحيل إلى فكرة تعلق النفس البشرة بالماضي فهو مستراح للنفس.
كما تناول فهد الحجري القصيدة الشعبية بديوان «حديث الشمس» للشاعر صالح السنيدي، ويشير إلى أنه يتكون من ثلاثمائة واثنين وثلاثين صفحة، بثمان وستين قصيدة هي عصارة جهد عشرين سنة لهذا الشاعر، ويضم مفردات وأسماء تاريخية، لذلك أطلق عليه صاحب القصيدة التاريخية، مبينا أن الديوان يحتوي على قصص ثمانية أنبياء، والشخصيات الدينية، وشخصيات أخرى مرتبطة بها عددها أربع عشرة شخصية، والشخصيات التاريخية سبع عشرة شخصية، والشخصيات التراثية والأدبية بسبع شخصيات، والسيرة الشعبية أربع شخصيات، والمعارك التاريخية خمس شخصيات، والأقوام القبائل ثلاث عشرة، وأسماء لبعض الظواهر الطبيعية ثمانية، وبعض الأسماء والمفردات التراثية بثلاث وعشرين مفردة.
ويوضح «الحجري» أن الشاعر يتغنى في ديوانه بالتاريخ، مستعرضا إحدى قصائد الديوان ليحللها من خلال الصور الجمالية واللغوية والبلاغية، مستدلا بالظواهر والدلائل، وما تتضمنه الأبيات من التخيل والرسم الفني، وارتباط عناصر القصيدة والزمان والمكان والظواهر، بين المفردات والبنية العامة للقصيدة، والهم الذي يعيشه الشاعر.
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/كتاب-وأدباء-يستعرضون-المقاربات-النقدية-والسردية-لمجموعة-من-الإصدارات