تغطية – شذى البلوشية
استعرضت مشروعات بحثية وتنقيبية
أقيمت أمس بالنادي الثقافي محاضرة “الآثار المغمورة بالمياه في سلطنة عمان”، من تنظيم الجمعية التاريخية العمانية، أخذت الحضور في جولة سياحية وتعريفية نحو تلك الآثار التي خلفتها عابرات البحار وتركت لها -بقيمتها التاريخية- مكانا في أعماق سواحل عمان، قدم المحاضرة أيوب بن نغموش البوسعيدي، وأدراها الدكتور إبراهيم بن يحيى البوسيعيدي.
بدأت المحاضرة بتعريف مصطلح الآثار المغمورة بالمياه، وهي كل آثار الوجود الإنساني التي بقيت مغمورة جزئيا أو كليا بالمياه لمدة لا تقل عن 100 عام، واستعاد أيوب البوسعيدي صفحات التاريخ حيث بداية استخدام المصطلح، موضحا أن اهتمام السلطنة بهذا الجانب بدأ في 2012 بتقديم برنامج حول الآثار المغمورة بالمياه ثم تحول إلى تأسيس دائرة معنية بذلك.
التساؤل الذي بدأ به البوسعيدي محاضرته هو “لماذا الاهتمام بالآثار المغمورة بالمياه؟” موضحا أهمية ذلك كون الآثار المغمورة بالمياه تعد جزءا من أرضية خصبة للبحوث العلمية في مجالات عدة، إضافة إلى توسيع نطاق المعرفة والفهم الصحيح للحضارة العمانية، وأضاف البوسعيدي: أن الاهتمام بالآثار المغمورة يؤدي إلى الدخول في سباق علمي لتطوير الأدوات التكنولوجية للبحث عن الآثار، وإنشاء المواد التي تسهم في عمليات البحث والتنقيب.
وقال البوسعيدي: إن الوزارة عملت على عدة مشروعات في سبيل المسح ومن ضمنها مسح السواحل العمانية بالتعاون مع مراكز متخصصة عالية وذلك لمدة 3 أعوام، وأسهم المسح في تأسيس الوحدة المتخصصة للبحث عن الآثار المغمورة بالمياه.
وتابع أيوب حديثه بطرح المشروعات التي تم العمل عليها في هذا الشأن ذكر منها مشروع البحث عن أسطول زنج هو، الذي كان متوقعا بغرقه في سواحل محافظة مسندم، وبدأ العمل على المشروع في 2009، وقال: “الأسطول يعد من أكبر الأساطيل التي عبرت المنطقة، وأثناء عمليات البحث والتنقيب تم رصد 12 هدفا، وكلها كانت في أعماق بعيدة تصل إلى 130 مترا وأكثر، ولم نتمكن من التعرف على ماهية هذه الأهداف إلا السفن التجارية”.
أما بالنسبة للمشروع الثالث فقال البوسعيدي: كان المشروع هو البحث عن سفينة هولندية غرقت في سواحل رأس مدركة في 1763م، يقال إنها كانت تحمل سكرا، وفي رواية يقال: إنها تحمل 105 أشخاص، غرق منهم 70 ونجا 35 شخصا عبروا الصحراء، ووصلوا مسقط واستطاع أحدهم أن يساعدهم ليعودوا إلى هولندا، وألف ذلك الشخص كتابا حول ذلك، وأسفر المشروع عن إنتاج فيلم حول غرق هذه السفينة بالتعاون مع الجانب الهولندي.
وذكر البوسعيدي أن المشروع الرابع كان بقايا أسطول فاسكو ديجاما الذي غرق عام 1503م في مياه جزر الحلانيات، وقال: “السفينة تدعى “زمردة”، والأسطول يتكون من 5 سفن، توجه الأسطول إلى جزيرة مصيرة لعمل إصلاحات للسفن، وكانت الأمواج تنذر بحالة جوية قادمة من البحر، وحذر أهالي المنطقة ركاب الأسطول إلا أن ربان السفينة لم يستجب لتنبيهاتهم، لتغادر 3 سفن الجزيرة، وتسببت الرياح بإغراق السفن ونجا منهم من نجا، وقال البوسعيدي: “إن المشروع استمر العمل فيه والبحث مدة 6 أشهر، وعاد الفريق للبحث في 2021 عن أية شواهد وأدلة في مياه جزر الحلانيات، ومن الشواهد التي وجدوها هي القذائف المدفعية، منقوش عليها “VS” وهي ترمز إلى قائد إحدى السفن، واستمر المشروع 3 مواسم، كان نتاج المشروع 2826 قطعة أثرية، ومن أهم القطع التي تم العثور عليها هي جرس السفينة ويعد من أقدم القطع الأثرية على المستوى الدولي وموجود الآن ضمن مقتنيات المتحف الوطني، إضافة إلى إيجاد بعض العملات الذهبية والمعدنية، والعثور على قرص كان يهديه مانويل الرابع للفرسان وقواد السفن”.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة التراث والسياحة أصدرت مؤخرا كتاب “مسح السواحل العمانية” وهو توثيق لعمليات البحث والتنقيب عن الآثار المغمورة بالمياه بالتعاون مع جامعة ساوثهامبتون.
وفي نهاية المحاضرة استعرض البوسعيدي عددا من الفيديوهات والصور التوثيقية لعمليات البحث والتنقيب عن الآثار المغمورة في سواحل سلطنة عمان أثناء إيجاد الآثار في أعماق البحار، وتخلل المحاضرة عدد من النقاشات والمداخلات.
https://www.omandaily.om/ثقافة/na/محاضرة-تعريفية-في-النادي-الثقافي-عن-الآثار-المغمورة-بالمياه-في-أعماق-البحار