4

ملتقى الحكواتي العماني الأول.. خطوة نحو استعادة الموروث العربي

يستمر حتى 23 نوفمبر الحالي

– دينيس سعد: فن الحكواتي ليس للأطفال فقط، فمنه المليء بالرمزية وهو مخصص للكبار.

– سارة قصير: الحكواتي نوع من المونودراما وهناك حدٌ فاصلٌ بينه وبين الممثل.

بدأت صباح اليوم فعاليات ملتقى الحكواتي العماني الأول بمشاركة كل من دينيس أسعد من دولة فلسطين الحاصلة على الماجستير في أدب الأطفال، وسارة قصير من الجمهورية اللبنانية وهي الدكتورة الجامعية المتخصصة في فن الحكواتي، وذلك في مقر النادي الثقافي في مسقط ويستمر حتى 23 من الشهر الحالي.

وانطلق الملتقى بحلقة تدريبية قدمتها كل من دينيس أسعد، و سارة قصيرة.

    • أنماط أربعة

وحول المتلقى قالت دينيس أسعد في حديث لـ “عمان”: “نتناول في الحلقة ليوم العديد من المحاور، وبدوري ركزت على محور الأحداث في الحكاية وتسلسلها، قدمت للمشاركين أنماطا مختلفة لسرد تلك الأحداث، نمط الحركة، النمط البصري، نمط اللمس، والنمط السمعي، بحيث يقوم الحكواتي بتقديم الحكاية وفق تلك الأنماط الأربعة بشكل متوازن، والهدف من ذلك احتواء أكبر عدد من المستمعين، ففي دراسة أجريت تبين أن هذه الانماط الأربعة موجودة بكل إنسان إلا أن أحد الأنماط يطغى على الآخر في كل شخص، فهناك من يميل إلى السماع، وآخر يميل إلى البصر، وغيره يميل إلى اللمس، وبعضهم يميل إلى الحركة، لذلك على الكحواتي أن يتوازن في كل تلك الأنماط ليملك انتباه الملتقى وخاصة الأطفال”.

وتابعت دينيس أسعد: “الحكواتي غالبا ما يقوم بإعداد الحكاية وليس تأليفها، هناك من يقوم بالتأليف ولكنهم قلة، أما الأغلب فهو يسمعون الحكاية أو عايشوها، ثم بعد ذلك يقومون بإعدادها في قالب مناسب للعرض، وبعض تلك الحكايات من التراث يراد منها الحكمة، وبعض الحكايات عايشتها خصوصا في الأحداث الفلسطينية، وهناك أمر مهم، أن فن الحكواتي ليس للأطفال فقط، فمنه المليء بالرمزية وهو مخصص للكبار”.

وحول جماهيرية الحكواتي قالت دينيس: “في فترة سابقا كان المجتمع يستغرب من فكرة الحكواتي ولا يعرفه، وربما يعتقد البعض أن وسائل التواصل الحديثة غيبت دور الحكواتي، ولكن الذكاء اليوم استغلال تلك المنصات الحديثة لإحياء هذا الموروث العربي القديم، وعلى سبيل المثال فإن سارة قصير لديها قناة على اليوتيوب وتحقق مشاهدات عالية، وفي 2014 تم إنتاج فيلم وثائقي عني اسمه (الحكواتية) فكل ذلك وغيره ساهم في إحياء هذا الموروث، وهناك من الدول لا زال فن الحكواتي لديها حاضرا بقوة، وتقام مهرجانات للحكواتي مثل مهرجان (سوسة للفداوي) بتونس، وهو مهرجان يقام بشكل دوري منذ 40 عاما، والفداوي يعني الحكواتي، ومهرجان “الخرافة” في تونس العاصمة كذلك منذ 2010، وهذا يدل على وجود نهضة للحكواتي خاصة في تونس والمغرب، أما بقية الدول العربية فشهد الحكواتي انقطاعا لفترة ولكن عاد من جديد الآن، وعاد بدخول النساء، حيث كان الحكواتي الجماهيري سابقا مقتصرا على الرجال، والنساء كن يمارسن فن الحكواتي على نطاق الاسرة فقط، واليوم دخلت المرأة هذا المجال”.

 

    • جيل من الحكواتيين

في حين قالت سارة قصير عن الحلقة: “أنا سعيدة بهذه المشاركة بالتعاون مع النادي الثقافي، لأن جيلا من الحكواتيين سيخرجون من هذا الملتقى، اليوم يجتمع عدد من المهتمين بالحكاية وبجمع التاريخ الشفهي، فنحن نضعهم على الطريق الصحيح لتطوير أنفسهم ليكونوا حكواتيين في المستقبل القريب، ومن أهداف الملتقى الحفاظ على التاريخ الشفهي لكي لا يضيع بوفاة كبار الرواة الشفهيين الذين يملكون مخزونا كبيرا من الحكايات التراثية، لذلك سيحرص المشاركون على البحث في تلك الروايات وحفظها ونقلها”.

وتابعت: “الحكواتي أصلا انقرض أو أوشك، ففي كل البلاد العربية تجد الحكواتيين معدودين على الأصابع، كما تجد أن هذا الفن غريب ومستهجن خاصة في منطقة الخليج وبلاد الشام، ودورنا اليوم اعادة هذا التراث، وفي لبنان منذ 20 عاما هناك جهود لإحياء هذا التراث، وفي فلسطين كذلك، وما لمسناه حقيقة أن هناك شريحة من الناس مشتاقة للتراث، وبسبب الكثير من التكنولوجيا والكثير من التفرقة الانسانية الحاصة بسبب برامج التواصل، أرى أن الناس محتاجة للاقتراب من الآخر والاستماع منهم وتشعر بهم، ومن تجربتنا في لبنان وفي فلسطين نجد تهافتا كبيرا بعد أي إعلان عن إقامة عمل حكواتي”.

ومن محاور الحلقة، محور بعنوان “لنخرج الحكواتي الذي بداخلنا”، وحول هذا العنوان قالت سارة قصير: “في داخل كل شخص يوجد حكواتي، يبرز ذلك من خلال الأحداث اليومية، فجميعنا يروي ما حدث له، وربما يقوم بتقليد بعض التصرفات، مع قليل من التدريب على فنون الأداء، قد يصبح هذا الانسان حكواتيا، من المؤكد أنه لا يمكن للكل أن يكون حكواتيا للعامة، ولكن هو حتما حكواتيا في دائرته الضيقة، ومن يريد أن يكون في الدائرة الواسعة عليه أن يخضع لمثل هذه الحلقات، ومن خلال الأبحاث التي عملتها خلصت إلى أن الحكواتي أصل المسرح بالوطن العربي، وعليه يجب الاستعانة بمهارات التمثيل والمسرح لتطوير أدائنا”.

وتابعت: “الحكواتي نوع من أنواع فن المونودراما، ولكنه ليس ممثلا، فهناك حد فاصل، ولكنهما يشتركان في كثير من الأمور، فالممثل يحتاج إلى سينوغرافيا وديكور ومخرج وغير ذلك، أما الحكواتي فليست له هذه الأدوات، قد يدخلها في اعماله ولكنها ليست الأساس، الأساس في الحكواتي هو نفسه بحركاته وإحساسه وصوته الذي من خلاله يستطيع أن يملك الجمهور لمدة ساعة أو ساعة ونصف وهو خالٍ من الأدوات، ومن الأمور الفارقة بين الممثل والحكواتي، أما الممثل يقف خلف الجدار الرابع، والحكواتي يكسر الجدار الرابع، وهو جدار وهمي يفصل الممثل عن الجمهور، بينما الحكواتي يتفاعل مع الجمهور ويتخاطب ويزيد أو ينقص من الحكاية”.

    • فعاليات

ومن المقرر أن تقام غدا الأحد، ضمن أجندة الملتقى، ندوة بعنوان “الطريق إلى الحكاية”، وسيدير الندوة الباحث عبدالعزيز الراشدي، وستتضمن شهادات ابداعية لكل من دينيس سعد وسارة قصير مع عرض حكائي، وستكون الدعوة عامة للجميع.

أما بعد غد الاثنين فيستواصل الملتقى في تنظيم الحلقات التدريبية على فترتين صباحية ومسائية، أما في يوم الثلاثاء فسيسدل الملتقى ستاره بعد أن يقدم عدد من العروض الختامية من قبل المتدربين.